جواب: رواد الفلسفة الوجودية الأوائل اعتبروا أن الإنسان
"أُلْقِيَ به في هذا العالم بلا حماية ولا رعاية ولا أمن ولا نظام وأنه عليه تدبر أمره لوحده". وربما كان هذا حاليا هو حال الغيورين على الثقافة العربية من محققين وموثقين ومؤلفين ومترجمين الذين يعتمدون على مجهوداتهم
"الذاتية" وتمويلهم
"الذاتي" في إنجاح مشاريعهم
"الذاتية" التي "
لا تهم أحدا سواهم".
سؤال: هل يعني ذلك أننا نشهد النهاية التراجيدية لزمن الكتاب الورقي؟ وهل حقا يشكل الكتاب الإلكتروني بديلا جديرا بالاهتمام؟
جواب: كتب
رولان بارث مرة "
أفق الناقد هو أن يصبح كاتبا". وإذا كان الأمر لا زال كذلك في زمننا الرقمي هدا، فإنني أود أن أضيف أن "
أفق الكاتب الرقمي هو أن يصبح كاتبا ورقيا". وبالمثل، يبقى "
أفق الكتاب الإلكتروني هو أن يصبح كتابا ورقيا منشورا". ففي رأيي المتواضع، يبقى الكتاب الإلكتروني حاليا مجرد جسر عبور نحو الورقية لعدة أسباب تهم مراكز الخلل في جسم الكتاب الورقي أهمها: عدم قدرة الناشر العربي الورقي على المغامرة بطبع نسخ تفوق ألف نسخة، ضعف التوزيع، سلطة الرقابة، هيمنة العقلية القبلية والحزبية لدى النقاد الورقيين، تفشي الأمية لدى عموم المواطنين، استفحال ظاهرة "
القُرََاء الصََدِئِينَ" الذي تخلوا عن القراءة بمجرد الحصول على الشواهد أو على فرص عمل...
في أجواء ضعف الكتاب الورقي العربي هده، طور الكتاب الإلكتروني مسارا مغايرا تفاعل من خلاله مع القراء رغم بعد المسافات وتواصَلَ معهم فوق ظهر الرقيب والسياسي والعراقيل وصناع العراقيل... وبدلك صار الكتاب الإلكتروني يقوم بأربع وظائف:
الوظيفة الأولى، وهي وظيفة
تشاركية يهدف من خلالها الكُتََاب الرقميون إلى نشر "
مسوداتهم" أو
"مشاريعهم الإبداعية" مباشرة على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) بغية تلقي الملاحظات والتصويبات والتدقيقات في أفق تطوير العمل قبل نشره ورقيا.
الوظيفة الثانية، وظيفة
ربحية وتهدف إلى بيع النسخة الرقمية من الكتاب الورقي الذي يصعب إيصاله إلى مناطق بعينها على الكوكب الأرضي. وقد قامت لهدا الغرض مكتبات إلكترونية متخصصة في بيع الكتاب الإلكتروني.
الوظيفة الثالثة، وظيفة
إشهارية وتسويقية و تهدف للتعريف بصدور الكتاب ورقيا في أفق إيصاله إلى أبعد القراء بعد الحصول على وصل إيداع وحماية حقوق الملكية.
أما
الوظيفة الرابعة والأخيرة، فأصبح معها الكتاب الإلكتروني
احتياطيا مهما للكتاب الورقي عند تعرض هدا الأخير المنع كما حدث مع رواية
دان براون الدائعة الصيت "
شفرة دا فنشي" التي منعت النسخة الورقية عربيا ولكن النسخة الالكترونية عرفت تنزيل
مليون نسخة من طرف قراء عرب تعتبرهم الإحصائيات عزوفين عن القراءة!...
سؤال: يحضر محمد سعيد الريحاني عبر مختلف الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية قاصا ومثقفا يساءل إشكالات القراءة وأزماتها ويكشف ملف التلاعب بمصائر رجال التعليم، ما هي تفاصيل هذا الملف؟
جواب: ملف التعليم كان دائما جرحا مفتوحا مند الاستقلال السياسي للمغرب ولا أدل على دلك من عدد الوزراء الدين تناوبوا على هدا القطاع لدرجة يفوق فيها عددهم نصف سنوات عمر استقلال البلاد. لكني تلمست الجرح بشكل مباشر ولأول مرة خلال مقاطعة امتحانات السنة الجامعية 1989 حيث صارت مشاهدة حلقيات هن وهناك في الشوارع العامة يسيرها مسئولون كبار في الإقليم يتحلق حولهم طلبة من الانتهازيين وضعاف الخلق ينصتون لمناشدة المسئولين لهم في الشارع أمام الملأ بإفشال المقاطعة مقابل وعود بالإيواء والإطعام في فنادق مصنفة خلال فترات الامتحان وبالنجاح في الامتحان بشقيه الكتابي والشفوي وبمجانية الاصطياف الصيفي في مخيم شاطئ مارتيل بتطوان شمال المغرب. وبالفعل
"فشلت" المقاطعة و"
نجح" الانتهازيون الدين خرجوا يسخرون من
الراسبين ومن
المطرودين. كما وفى المسئولون بوعدهم اتجاه "
المُنَجََحِينَ" من الطلبة بتوفير إقامة صيفية مجانية على مخيم شاطئ مارتيل.
كان ذلك مع الطلبة، في البداية. لكن، بعد نجاح التجربة تم تكرار الفعل مع الموظفين ممن يقدمون في الحياة العامة ب"
رجال التعليم"، وخاصة بعد ميلاد فلسفة "
التناوب" سنة 1998 ليصادف بدلك نفس الفئة من الطلبة "
المُنَجََحِينَ" سنة 1989 وقد صاروا "
رجال تعليم" ينتظرون "
التنجيح" مقابل أي خدمة، تماما كما فعلوا عام 1989.
فبعدما كان قطاع التعليم كبوابة لنفي الخريجين الجامعيين لمجاهل الجغرافيا وترويضهم خلال السنوات العشر المعروفة 1986-1995 (راجع بيان أكتوبر السنوي لعام 2007 )، صار التعليم اليوم مكتبا لتوزيع "
لاكريمات" و"
الترقيات" على الزبناء من أتباع الزوايا والأحزاب والنقابات "
الصديقة" ويُخْشَى أن يكون الأمر في جوهره "
إرادة مؤسسة" لتحويل رجال التعليم ومعهم كافة المواطنين إلى مجرد انتهازيين ووصوليين كي تسهل إدارتهم.
لقد كانت الزوبعة التي سميت "
تكريم رجل التعليم المغربي" تارة و"
تقوية الطبقة الوسطى" ثارة أخرى خير مرآة تعكس شكل تسيير القطاع التعليمي بالبلاد. فقد أزكمت روائح فضائح هده التخريجة عموم البلاد لدرجة لم تعد معها الترقية في المباريات في ظل حكومات "
التناوب" غير "
تنمية للشعور بالذنب" لدى المستفيدين منها من رجال التعليم الدين سيبقون شهودا على هده المرحلة،مرحلة انهيار القيم المهنية، وشركاء في المخطط. ولا أحد يعتقد بأن التعليم في حاجة إلى ترقية "
يخجل منها" المستفيدون منها.
لقد بدأ هدا النضال الذي ألخص لكما الآن معالمه وأسبابه وآفاقه قبل خمس سنوات: قبل أن يديل تعليم المغرب من طرف
تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في آخر الترتيب الدولي، وقبل شطب تصنيف الجامعات العربية "
كلها " من ضمن خمسمائة أفضل جامعة في العالم الذي جاءت جامعتا
هارفارد وستانفورد الأمريكيتان على رأس التصنيف بينما جاءت جامعة
يورك الكندية في ذيل الجامعات الخمسمائة في الترتيب العالمي، أما الجامعات العربية فخارج التاريخ...
بدأ هدا النضال مع "
بيانات أكتوبر السنوية" (2004-2007) التي صارت تقليدا نقابيا سنويا في المغرب. وهو التقليد الذي لم يكن وراءه لا إرادة في التسلق ولا دافع وصولي ولا أي شيء. ما كان يحرك تلك البيانات التي دامت كل هده المدة الزمنية هو فقط إرادة التصحيح ووقف هدا الانهيار الأخلاقي والمهني والثقافي الذي بدأ ينحث مجراه في الجسد التعليمي قبل أن ينتبه له
تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2007 الصادر في فبراير من هده السنة، 2008 فصنف المغرب في المراتب الأخيرة "
عالميا"...
ومن بين "
بيانات أكتوبر السنوية" وآثارها خلال الفترة (2004-2007) كان: تغيير نائب وزير التربية الوطنية بالإقليم الذي تصدر منه بيانات أكتوبر السنوية وتغيير وزير التعليم بعد حكم دام 10 سنوات وإلحاق وزارة التعليم بوزارات السيادة ، ثم التحقيق الفضيحة الذي لم يفسح له مجال النشر إعلاميا لقراءته وتداوله ومناقشته حول حقيقة المناصب "
الستمائة" من أصل "
الألفي منصب المتبارى عليها" من قبل رجال التعليم مند إقامة المباريات حتى اليوم: فقد كان رجال التعليم مجرد مغفلين يتبارون على "
مناصب غير موجودة"، ويحررون إجابات على "
أوراق امتحان لن تصحح"، ويحسبون معادلات غير ممكنة... ومع دلك، تراهم يصدقون النتائج عند إعلانها ويعودون السنة المقبلة لتكرار التجربة في تمثيلية سيزيفية لا يفسرها سوى تصنيف البنك الدولي للتعليم المغربي عالميا...
كقاص، حرصت دائما على تدوين مواقفي فنيا. لدلك، راكمت نصوصا قصصية لا يستهان بها تؤرخ لرؤاي ومواقفي. فبالإضافة إلى نصي القصصي القصير المعنون ب"
كاتب"، يبقى نص
"الحياة بالأقدمية" من أقرب النصوص إلي. فالنص الأول "
كاتب" يبقى سيرة ذاتية أدبية مثخمة بالجراح بينما يطل النص الثاني
"الحياة بالأقدمية" كنص يوظف السخرية بكافة أسلحتها للانتقام للنص الأول. وفي هدا الإطار نقرأ:
"منذ دخلت المدرسة في سن السابعة من العمر وأنا أدرس في كل فصل ثلاث سنوات أعاشر خلالها ثلاثة أجيال. وقد وسعت بهذه السياسة دائرة معارفي لتشمل كل أحياء المدينة. فقد صار لي أصدقاء في كل مكان كما صار لي أصدقاء من كل الأعمار. ولما وصلت قسم الشهادة الابتدائية بعد رحلة الشتاء والصيف التي دامت خمسة عشر عاما، كان لي أصدقاء في القسم الذي أدرس فيه وآخرون في الثانوية وغيرهم في الجامعة أو في مراكز تكوين المعلمين بعضهم اختار العمل معلما رسميا في مدرستي ويتعامل معي كصديق طفولة يتحسر عليها وأنا لازلت أعيشها..."(مقدمة نص "الحياة بالأقدمية" عن المجموعة القصصية "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006، الصفحة 49)
نص
"الحياة بالأقدمية" كتب في الأصل
"باروديا" Parody للنخب الجديدة
في
البلاد التي أطلق عليها في النص "
جمعية قدماء كسالى الثانوية الوحيدة بالمدينة". وهده "
النخب الجديدة" التي استغلت عزوف المواطنين عن الانخراط الحزبي والنقابي فاندست كالسم في الأجهزة الحزبية والنقابية والجمعوية وبدأت تفرض نمط سلوكها البدوي وأساليب تفكيرها العائد لعصور ما قبل التاريخ وأصبحت توزع التزكيات والتهديدات... مع أنها ليست سوى "
جمعية لقدماء كسالى الثانوية الوحيدة بالمدينة".
وسرعان ما جاء دوري لأتعرض لتهديد حمله لي أحد "
الأساتذة الأفاضل" زملاء العمل بتاريخ 13 أكتوبر 2004 وهو التهديد الذي يحمل توقيع
"مسؤول نقابي محلي"
كان ولا يزال يخلط بين مسؤولياته النقابية ومسؤولياته المافيوية.
ولي قصص كثيرة مع مثل هؤلاء ممن كان الرومان يسمونهم "
هَمَجاً"
Les Barbares. فمند دخولي تجربة الكتابة سنة 2001 بالشكل "
الحر" ، "
غير المنبطح" الذي لم يرق للكثيرين ، بدأ الاعتداء علي بعدة أشكال: أولها الإشاعة ؛ ثانيا بالمضايقة في الترقية المهنية مند 2003 حتى اليوم؛ ثالثا بالاعتداء علي لأول مرة في حياتي في الشارع الرئيسي لمدينتي وتحت الأضواء الساطعة من طرف كائنات مقنعة ومسلحة في شتنبر 2004 ؛ ورابعا بإرسال أحد عرابي فرع محلي لإحدى النقابات بمدينتي تهديدا بالاعتداء علينا جسديا؛ وأخيرا بالاعتداء علينا "
رمزيا" بكتابة مقالات رديئة في مواضيع رديئة وبأسلوب رديء ومستوى رديء هدفه الحط من حضوري الثقافي لكن توقيع المقالات يكون باسمي الكامل كما يدل على دلك نص الرسالة الموجهة بتاريخ 16 مارس 2008 إلى رئيس تحرير الجريدة التي نشرت سلسلة المقالات الموقعة باسمي على مدى ثلاث سنوات...
سؤال: هل آن أوان الهجرة نحو الرواية؟
جواب: أنا لا أعتبر الكتابة في مجال القصة القصيرة مجرد عتبة لتجريب الكتابة السردية أو مجرد مرحلة تسخينية لدخول تجربة الرواية. بالنسبة لي، الهجرة بمعنى "
الحريك" نحو الرواية أمر غير وارد حاليا، فأنا مرتاح جدا في بيت القصة القصيرة. أما المراوحة بين الكتابة القصصية وتجريب المغامرة الروائية، فأتمنى أن تشاركني بمعية قرائكم سعادتي بقرب حسمي في موضوع نشر أولى رواياتي "
قيس وجولييت"، إن باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية أو هما معا.