حالة احتضار باهتة ...بقلم محمد اللغافي ---------------------------------------------------------------كتب هذا النص في التسعينات
من بين نصوص أضمومتي القصصية كان عليه أن لا يكون
أنا الآن في حالة احتضار ،..سأموت اللحظة أو ...بعد لحظات،..لايدهشني هذا ولست خائفا رغم الحرارة التي أحسها وحدي..مخاض عصيب لا أستطيع وصفه ..لا أستطيع شرح تفاصيله ..،لكني أتحمله رغم ضعفي رغم نحافة بدني ، ..ولا أستحمل مرارة الغباوة التي تحيط بي ..بعينين شاردتين كادتا أن تنزلقا من بؤبؤيهما ،أحاول أن أتفرس وجوهكم الحالكة واحدا واحدا ..ولو أنني لا أستطيع الكلام ولا تحريك أعضائي ..، عظامي ثقيلة ..أحشائي تتقطع قد يكون الموت عشعش فيها ،بينما أستطيع أن أسمعكم ..لو استطعت النطق لتفوهت بعبارات تشمئزكم ، لذي جرأة أن أجيب ذلك الشيخ الجالس القرفصاء ، الذي قال للفقيه الرابض قبالة أم رأسي ..لا.. بل" على رأسي " ..اقرأعليه سورة "ياسين" قد تساعده على لفظ أنفاسه بسهولة ..هه..حتىلو كنت تعلم الغيب سيدي ..ما كان عليك أن تتلفظ بهذه العبارة اليائسة ..على الأقل كنت تستحيي ..ومن قال لك أنني سأنتهي الآن ..ما زلت أطمح للحياة ولدي أغراضي الشخصية مثلك أريد ترتيبها..أما السيد الفقيه {غفر الله لنا وله }وضع يده الخشنة على جبيني ....آه كم هي ثقيلة ...وشرع في التهام الكلام المقدس بطريقة اعتباطية ...أحسست من خلالها ،أن مرارة الموت أهون بكثير من حرارة البشر..وأنني ميت لا محالة غصبا عني...،استعطفتهم بعيني الصفراوين ،فلم يشعروا بذلك ..فقد قال أحدهم .."مسكين يحاول توديعنا بنظراته..
أمي ..أيتها الواقفة أمام باب الغرفة ..ما لي أراك مكبلة اليدين الى الخلف ..تبكينني وأنا أسمعك تذكرين محاسني ..والله اني أتقززمن ألم الفراق ..يستعصى علي فراقك والدتي.
من بين الناس الواقفين حولها ..قال أحدهم وهو يربت على كتفها .."صبرا سيدتي ..كلنا لها والدائم وجه الله حاولي أن تفكري معنا في مراسيم الدفن والعزاء.."لو كنت أستطيع القيام لصفعته ..رجل غبي..كان عليه أن يكون في مكاني..، رد عليه آخر فقال"عمرنا وعمره عند الله، الله وحده يحيي ويميت.."
دخلت من الباب الأمامي امرأة شمطاء ..ممتلئةالجسد صارخة .."الله أوليدي كحل العيون" قلت لها في قرارة نفسي .."لست ولدك سيدتي " ..كنت أراها تشق صدرها بلكمات عنيفة ،..ربما تفجر كبث ماض دفين..،
وهناك..قبالتي ..أذكر أصدقاء لي ..هادئين ..لم يتفوهوا بشيء..بل كانوا يخبئون دموعهم في مناديلهم ..،..
أخيرا أحسست بيبس في حنجرني ..ونومة خفيفة ..من خلالها شعرت بقطرات باردة من الماء تغرغر في حلقومي ....ولا أعلم كم لبثت ..لكني فتحت عيني في غرفة بيضاء وأسرة بيضاء وملائكة بأزياء بيضاء.