الروتين والنجاح
للدكتورة:صباح بلحيمر
الروتين،الملل،لا شئ جديد...كلمات نرددها أمام صور الحياة المعتادة المتعاقبة أمامنا ،فكل شئ جديد يبدو غريبا في بدايته ثم لا نلبث أن نتعود عليه ،ومع العادة يتولد الشعور بالملل والسآمة ،فنحاول أن نهرب بتغيير النمطية إما بالسفر أو بالتنزه أو بالقراءة...
وبالتمعن في حقيقة الأمر نقف على أن الروتين ليس هو سبب الملل والتأفف من الحياة ومحاولة الهرب منها،وإنما السبب هو نظرتنا إلى الحياة نفسها وإلى دورنا فيها ،فباستطاعة كل واحد منا أن يتغلب على الروتين بأن يرى في حياته المعتادة شيئا جديدا ،ويخلق أمورا ممتعة تكسر نمطيته غير المرغوب فيها،ويعتقد بأن الروتين يمكن أن يكون سببا للنجاح والإبداع.
أوليس الروتين هو سبب مجد القادة والسياسيين والأدباء والمفكرين والعلماء الباحثين؟
فلولاه لما استطاع القائد البروسي بيسمارك أن يحقق النصر ويلحق الهزيمة بالنمسا وفرنسا،فقد كان يدأب على عمل روتيني يومي وهو يتفقد قواته وجيشه، ويستمع لمشاكلهم ويذلل كل العقبات التي يمكن أن تقف في وجه النصر.
ولولا الروتين لما استطاع توماس أديسون تحقيق ثورته العلمية،وهو الذي ظل لمدة تزيد على نصف قرن يدأب على الاعتكاف في معمله مع أجهزته ومعداته وتجاربه.
ولولا الروتين لما استطاع العالم سير ألكسندر فليمنج أن يكتشف البنسلين الذي أنقذ أرواح الملايين من الجرحى في الحرب العالمية الثانية،وهو الذي ظل أعواما طويلة معتكفا في معمله بشكل اعتيادي روتيني وسط البكتيريا والجراثيم،والأجهزة والبحوث والتجارب.
ولولا الروتين لما استطاع شكسبير عملاق الأدب الإنجليزي أن يقدم لنا روائعه الأدبية وهو الذي كان يدأب على الجلوس إلى مكتبه يفكر في شخوص رواياته وأبطالها،حتى إذا ما غالبه النوم نام فوق كرسيه على مكتبه،وفي ليلته التي كان يبحث فيها عن خاتمة لروايته الشهيرة هاملت ،شب حريق كبير بمستودع للغاز قريب منه فلم يشعر به إلا على استنجاد خادمه رغم أن الدخان كان قد ملأ جميع أركان الغرفة.
بعد كل هذا هل سنستمر في التأفف من الملل والروتين؟