دخل متعبا في آخر الزوال, بعد يوم حافل بالأشغال. و بعد ولوج عتبة باب الشقة, لمح ظرفا على البلاط . انحنى و أخده , فتحه , ليجد بداخله رسالة تقول : " أدعوك لزيارتي هذا المساء,ستجدني في مكان ما , منبسطة على أديم طيني ذي تضاريس . لكنك لن تصل إلي عبر المسالك و الدروب المعتادة , بل عليك أن تقتفي رائحة فاكهة لذيذة . إذا إلى هدا المساء , إذا كنت فعلا تستحق هذا اللقاء.
الإمضاء'' الوردة السوداء"
وضع الرسالة في الجيب العلوي على اليسار من قميصه و كله تساؤلات حول مصدر الرسالة و معناها.
دخل المطبخ الصغير, فتح الثلاجة , أخد قارورة ماء و صبها مباشرة في حلقه دفعة واحدة ليروي ظمأه الكبير , رغم أن الفصل كان ربيعا .
عاد إلى غرفة النوم و هم بنزع حذائه , فإذا به يحس بجيب قميصه ينبض كأن به شيء يتحرك . ظن في الأول أنها نبضات قليه ,لكنه سرعان ما عرف أنها تلك الرسالة . هي التي تنتفض و تخبو ثم تعيد نفس الحركة كأنها قلب حقيقي ينبض بقوة . و حين هم بفتحها من جديد سكنت مرة واحدة.
أكمل نزع ثيابه و توجه نحو لحمام لأخد دوش ساخن يريح عضلاته من تعب يوم عمل طويل. وهو يصب الماء الدافئ على جسده المتعب , سمع صوتا في الغرفة , و لما هرع لتحري الأمر, و جد الرسالة تنبض من جديد وسط جيب قميصه . عاد للحمام و استمر في أخد حمامه الدافئ المريح.
بدأ يتسائل , من تكون هده الوردة السوداء , و أين يعثر عليها؟. أكمل حمامه و خرج إلى الغرفة لينشف جسده . سمع صوت باب الشقة يفتح , ففهم انها زوجته عادت لتوها من العمل.
بقي منشغلا بموضوع الرسالة وهو ينظر إلى وجه زوجته المطمئن الجميل و هما على مائدة العشاء.
هل يفاتحها في الموضوع أم لا؟ قرر أخيرا أن لا يفعل حتى لا يعكر الجو الحميمي بينهما و فضل أن يذهب للغرفة ليقرأ قليلا فبل النوم كما دأب هو وزوجته على هذا منذ الأيام الأولى لحياتهما الزوجية . أخد كتابه و بدأ بالقراءة .
التحقت به زوجته بعد لحظات, استلقت بجانبه , اخدت كتابها المفضل و فتحته , فإذا برائحة الأناناس العطرة تغمر فضاء الغرفة بكامله.