عبده رشيد
عدد الرسائل : 622 Localisation : مراكش تاريخ التسجيل : 06/07/2010
| موضوع: ليس الآباء كما نعتقد دائما الأحد ديسمبر 02, 2012 1:35 pm | |
|
رغم سواد بشرته وملامح وجهه التي تعود إلى أصول إفريقية,كان الفتى"ميمون"يتمتع
بحس فكاهي و بارعا في سرد النكت "من تحت الحزام".فكانت فتيات
الفصل تتحولق حوله لسماع آخر مستجداتها وتضحكهن حركاته البهلوانية وهو
يمطط شفتيه العريضتين مقلدا ناقة مطيلة عنقها ممططة شاربيها لتأكل أوراق نبات الصبار.
لقد كان فعلا مختلفا عن غيره من الرفاق بتسامحه وتلقائيته.جميع الرفاق يحبونه ويقدرونه إلا بعض منهم يجدونه"أضحوكة الفصل " وآخرون يغارون منه ويتقولون عنه الاقاويل .فمنهم من يقول عنه:
بلحرثاني لاخور طالع ليه الميمون مع الدريات" "
أو يتهمونه باستعمال تعويذة أفريقية تعرف [بالجلب] لكسب ود الفتيات.
لكنه لم يكثرت بهم يوما ولم تضره أقاويلهم . فقد تلقى أحسن تربية من أبويه والحب الكافي لمواجهة الآخر.اعتاد مرافقة بعض زميلاته في الفصل واللواتي كن
هن الأخريات يسعدن بصحبته وبروحه المرحة.لكن أباه الحاج "مبارك" كان يحذره
دوما منهن ومن ومصاحبتهن,لأسباب يعرفها الأب ويجهلها الإبن !كان
الأب حازما في تربية ابنه.لا يترك له شاردة ولا وافدة إلا عقلها بحبل الله
المتين.تربية تستمد مرجعيتها من الدين ومن النظام العسكري .فقد كان الأب من حفظة القرآن في الدوار قبل أن ينخرط طوعا أو قصرا في الجيش الفرنسي .ليس مهما.فالمهم
أنه شارك مثله مثل باقي المغاربة "الفرنسيس"حربهم ضد فاشية"لاليمان".مغاربة رجال بواسل ,منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال ينتظر رد
الإعتبار والإعتراف.الشئ الذي تحقق ولو نسبيا -مع فرنسا شيراك وساركوزي من بعده -.عاد الحاج "مبارك"أخيرا إلى أرض الوطن الحبيب ليتزوج ب"عبلة "إبنة عمه المصونة
التي إنتظرته زهرة العمر بإخلاص حتى عودته من أرض النصارى.رزق منها
بالولد"ميمون "وسنه آنذاك العقد الخامس ونيف.أحب الأب إبنه
الوحيد حبا جما ويراه خير خلف لخير سلف.كان يتتبع خطواته ويتعهده كما يتعهد بستاني الشجر في بستان.وأخشى ما يخشى عليه الوقوع في ورطة,وكثيرة هي ورطات وزلات الشباب.
ذات مساء,في تلك اللحظة وفي ذلك المكان.ضبط ابنه
مختليا بفتاة عند <راس الدرب>.وجدهما في حوار حميمي وفي لحظات
شاعرية.كانت البنت ذات حسن وجمال آخاذ.سوية ,عذراء النعومة خالصة البياض
.تسر الناظرين,فسبحان من سواها.نظر إليه وإليها بإمعان ثم انصرف دون أن ينبس
ببنت شفة,كأنه لم يره ولم يرها.لم يجد الابن المذعور بدا من التعجيل
بالانصراف واللحاق بأبيه دونما استئذان. ليترك الفتاة المسكينة مشدوهة "بزمكانية"
"المشهد والموقف الحرج .فارهة فاها,تسمرت لحظة في مكانها لا تلوي على شيء
قبل أن تعود أدراجها.أما هو فكانت طريق عودته الى الدار كلها إجتهاذ
في إلتماس الأعذار.دق باب الدار بتؤذة.فكانت المفاجأة كبيرة.لقد وجد أباه
لدى الباب على غيرعادة.حينذاك توجس خيفة وعلا بياض وجنتيه
السوداوين سواد حبات زيتون شهر يناير.إنحنى ,فقبل يمنى أبيه مرتين
مطأطأ الراس مرتخي الكتفين وهم بالانصراف في حيطة وحذر يترقب مشيئة الاقدار.لكن شيئا
ماأمسك بكتفه!
إنها يمنى الأب القوية العريضة .إنه يعرفها جيدا وقد سبق أن تذوق طعمها
مرات عديدة.إنها لا ترحم ولا تحن ولو ألقى معاذيره. ظن أنه هالك لا محالة
واستيأس مخرجا.فجأة,وعلى حين غرة.توالت
الضربات على كتفه مثنى وثلاث ورباع .
رباه!
انها ضربات رضا ووئام!
يستدرك ويتبين.بصوت خشن ,خشونة الرجال الأجلاف الغلاظ يسمع أبوه يقول له: :
< الله يرضي عليك آ ولدي >
عندئذ رفع رأسه على إستحياء ماسحا وجه أبيه بطرف خفي,فوجده
باسما راضيا. تنفس الصعداء بعدما كاد قلبه ينط من جانبه من فرط
الخوف والهلع.حينئذ تيقن أن الآباء ليسوا كما نعتقد دائما.لقد كان يوما
مشهودا في حياته.يوما لم يكن في الحسبان ولم يخطر له على البال. يوما تبعثرت
فيه كل الأوراق والحسابات بين الإبن وأبيه.يوما تعلم فيه درسا لن
ينساه أبدا.
تخيل القصة معكوسة, فلاحت له بوادر أزمة ونهاية دراماتيكية.وقد علم أن مجتمعه ذكوري بإمتياز يقدح من ثاء الثأنيث.
[/center] | |
|
عبده رشيد
عدد الرسائل : 622 Localisation : مراكش تاريخ التسجيل : 06/07/2010
| موضوع: رد: ليس الآباء كما نعتقد دائما السبت ديسمبر 15, 2012 10:44 am | |
| قراءة للشاعر والأديب محمد أقصبي للنص نص يحتفي بمشهدية الانا هده القوى الشعورية التي تمتح من اغوار الداكرة ما يساعدها على تأثيت فضاء القص ..رائعة هده اللقطة اد تستجلي حقا مدى تجدر الثقافة الدكورية التي هي عصب التواصل بين الاب و ابنه سيما في المجتمعات الشرقية ...فاين ادا هي نداءات لا للتمييز ضد المرأة ...حقا نص مفعم بالاثارة التي من مشاهدها يتجدد الاشكال عن وضع المرأة رغم استقلاليتها الوهمية كما يلاح لها فشكرا لمثل هده الثيمة التي تصنع الوعي تجديدا لعقلنة العلاقة بين الجنسين | |
|