محمد الطيب
عدد الرسائل : 344 تاريخ التسجيل : 06/01/2011
| موضوع: المهاجر الأحد أغسطس 18, 2013 12:43 am | |
| المهاجر <!-- /* Font Definitions */ @font-face {font-family:"Cambria Math"; panose-1:2 4 5 3 5 4 6 3 2 4; mso-font-charset:1; mso-generic-font-family:roman; mso-font-format:other; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:0 0 0 0 0 0;} @font-face {font-family:Calibri; panose-1:2 15 5 2 2 2 4 3 2 4; mso-font-charset:0; mso-generic-font-family:swiss; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:-1610611985 1073750139 0 0 159 0;} /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-unhide:no; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; margin-top:0cm; margin-right:0cm; margin-bottom:10.0pt; margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:Calibri; mso-fareast-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi; mso-fareast-language:EN-US;} .MsoChpDefault {mso-style-type:export-only; mso-default-props:yes; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:Calibri; mso-fareast-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi; mso-fareast-language:EN-US;} .MsoPapDefault {mso-style-type:export-only; margin-bottom:10.0pt; line-height:115%;} @page Section1 {size:612.0pt 792.0pt; margin:70.85pt 70.85pt 70.85pt 70.85pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0;} div.Section1 {page:Section1;} -->
نشأ الزاكي مدللا بين أفراد أسرة تشبعت بتقاليد القبيلة الصارمة ، فرضت على الإناث التفرغ للتربية وتدبير الأشغال داخل البيت . وعلى الذكور السعي لكسب الرزق . تفوق الطفل في دراسته وتميز بذكائه ، إلا أن والده اختار له الانضمام في سن مبكرة إلى ورشة العائلة التي تتوسط أحد الأحياء المهمشة بالمدينة . بها أتقن السباكة والتلحيم مع بعض المعلومات عن ميكانيك المحركات . ارتياح الأب يزداد مع نمو الفتى . واطمئنانه على الورشة ومستقبل العائلة يكثر بما أحرزه ابنه " المعلم الزاكي " من خبرة مهنية وقدرة على التدبير والتسيير . طموح الفتى يسابق تراكم سنوات عمره . يتتبع بإعجاب المهاجرين من أبناء مدينته ، العائدين بسيارات فارهة ، المدمنين على اللهو والتبذير . يشاهد أنهم يعودون بحقائب الهدايا النفيسة ، ويعتقد أن لديهم أرصدة بنكية لا تنفد ... يتوق ليعمل على التأسي بهم . يطمح إلى امتلاك آخر أنواع السيارات الرياضية الجذابة ، يطوف بها على دوره الفسيحة ، المتواجدة بمدن شاطئية عديدة . وإلى التوفر على العديد من الحسابات بأشهر البنوك وأعرقها . عندها سيقتني لكل يوم بذلة ومع كل بذلة زوجة ... لا زال عمره المتدحرج نحو السنة السادسة عشرة يحول دون إتمام وثائق وإجراءات السفر خارج الوطن . اقترح عليه أحد أقاربه التوجه نحو الجنوب حيث تتيسر عمليات الهجرة الجماعية في اتجاه بعض دول الأورو . تسلل عبر الكتبان والواحات وأقام هناك بالعاصمة مختفيا بضعة أيام ، يشتغل بإحدى الشركات . يبحث بجد عن الذين سيسهلون عملية عبوره . تلقى عدة وعود بمختلف الشروط ، اختار أيسرها ورحل ممتطيا جنح الظلام . قبل انبلاج الضياء ، حطت القافلة بمركز لانتظار العتمة القادمة ، لمتابعة المسير استلقى بكوة خيمة ، يئن من تعب الطريق ، بعد غفوة أفاق على صوت ملثم يخبره بأن القافلة التي وفد معها رحلت . وعليه أن ينتظر وصول قافلة أخرى . انتفض ... مشدوها ... متسائلا .. وكم ستكون مدة الانتظار ؟ لا تقل عن شهر أو شهرين وقد تمتد إلى عدة شهور . شعر بضياع يلفه بإحكام . سرت عبر عروقه وتعاقبت أمواج الفشل والإحباط . ثم نهض متثاقلا يستطلع المكان . خيام مرصوصة في صفوف طويلة ، يقطنها رجال ونساء وأطفال ذووا وجوه كالحة ، وأعين متحجرة ، وبشرة متفحمة ، لغاتهم مختلفة ، توحدهم الإشارة من أجل التخاطب والتفاهم ، وراء كل منهم عالم من الأسرار والفواجع . أحياء الخيام مسيجة بجدار من الأسلاك الشائكة . الممرات كلها مغلقة ، والأبواب موصدة محروسة . قبل زوال قرص الشمس ، شاهد عربات مجرورة أو مدفوعة تطوف عبر الدروب والأزقة ، اقترب منها فأمره أحدهم بالعودة إلى خيمته قبل ضياع حصته من الطعام . الطعام قليل والماء نادر ولن يتسلم إلا وجبة واحدة مع قنينة ماء صغيرة عن يوم بليله . لقد حاول الهرب مرارا فلم يفلح ، وضع داخل مستودع السيارات المعطوبة ، وأمر بسبك وترميم بعض أجزائها . تساءل مع نفسه .. من أخبرهم بحرفتي ؟ سأشتغل مكرها وسأبحث دائما عن وسيلة للنجاة . لا أدري ما الذي حل بأسرتي بعد رحيلي . استعاد بمخيلته أيام دراسته وفترة اشتغاله إلى جانب والده . ومستوى النعيم الذي عاش فيه بهجة دائمة ، وسعادة شاملة . يأكل حتى بعد الشبع ، ويشرب متى شاء وقدر ما شاء . يستحم في كل وقت ، ويتصرف داخل أسرته الآمر الناهي بعد أبيه . هجره النوم فجلس يبكي ويردد آخر كلمات أمه وهي طريحة على سرير مرض الموت . أصبح منهكا من الأرق . لم يلتحق بعمله الجديد . مر به أحدهم يصيح ويتوعد ، فعنفه على تأخره وحاول ضربه . انتزع الفتى منه العصا ، وهوى بها على رأسه . فسقط أرضا مدرجا بالدماء . سيق إلى السجن . فقال : وأي فرق بين خيمة الإقامة وخيمة السجن ؟ نقل أحدهم همسه ، فحكموا عليه بالأشغال الشاقة المهينة وأولها : إفراغ الحفرة الضخمة المخصصة لاستقبال مياه الصرف الصحي للمراحيض . رفض تنفيذ العقوبة . انتابه هيجان . فقد التحكم في أعصابه . أخذ يشتم ويهدد ويتوعد . فأخذه ثلاثة أشداء ، وألقوا به وسط حفرة الصرف الصحي ، فهوى وسط محتوياتها إلى أن لفظ أنفاسه وكانت له المثوى الأخير.
| |
|
عتيقة لهراس
عدد الرسائل : 403 تاريخ التسجيل : 18/12/2008
| موضوع: رد: المهاجر الإثنين أغسطس 19, 2013 9:46 pm | |
| جميل هذا النص الطويل والمعبر والذي يختزل تجربة تبشر بميلاد كاتب جميل | |
|
محمد الطيب
عدد الرسائل : 344 تاريخ التسجيل : 06/01/2011
| موضوع: رد: المهاجر السبت أغسطس 24, 2013 12:30 am | |
| الفاضلة
عتيقة الهراس
مشكورة على الاهتمام والقراءة
مقدرة على التقييم والتشجيع
لك مودتي
| |
|