نبذة عن نشوء وظهور ادباء الصعالك في العصر الاموي
تقديم : محمد ناجي
لم تتوقف حركة الصعلكة بعد العصر الجاهلي بل استمرت في العصر الاموي ، بل ظهرت فيه وقويت قوة شديدة، ولعل فساد الحياة الاقتصادية ، واضطراب الاحوال السياسية و التمسك بالروح الجاهلية هي اهم الاسباب التي ادت الى نشاة الصعاليك الامويين .
اما من الناحية الاقتصادية فلم تكن الاموال التي ترد الى بيت المال قليلة بحيث لا يتمكن الخلفاء الامويون من الانفاق منها في سبيل الخير وعلى صالح الجماعة، فقد كان يحمل الى بيت المال ملايين الذنانير من الصدقات والخراج. غير ان بعض العمال والسعاة الذين كانوا يجمعون هذه الاموال اتهموا بالخيانة وباستصفاء الاموال لانفسهم ، كما ان بعض الخلفاء الأمويين وخاصة عبد الملك بن مروان تاثروا في تطبيق النظام المالي وجباية الصدقات والخراج بالسياسة . اذا ساؤا اساءة بالغة الى القبائل التي ناصبتهم العداء بفرضهم الصدقات الباهضة عليها ، وبتشددهم في استيفاءها منها دون مراعاة لظروفها فسواء اجدبت ارضها واخصبت او افتقر ابنائها او حسنت حالهم، فقد كان ما كتب على قبيلته فكان السعاة يضربونه ضربا مبرحا وينكلون به اشد التنكيل حتى يدفع ما طلبوه منه .
وبجانب ذلك لم يفرض الامويين في العطاء القبائل التي عادتهم ، بينما كانوا يخففون الصدقات على انصارهم ويتساهلون في جمعها منهم ، ويجرون عليهم الاموال . ولكي يظلوا اوفياء لهم. ومعاوية ابن ابي سفيان هو اول من سن هذه للحلفاء الامويين . اذ يقول ابو الفرج الاصفهاني : "انه كان يفرض في العطاء لاهل اليمن " اما العدنانيون فيبدوا انه كان يمنعه عنهم .اذا كان معاوية بن ابي سفيان هو صاحب اول مشروع سياسي اموي في الاسلام . ومن تم سفيان ابن حرب والد معاوية وجده هما المؤسسان التاريخيان لهذا المشروع السياسي الذي عهد النهضة مع بداية الدولة الاسلامية عقب سقوط مكة ثم عادت اليه انفاسه واستعاد حراكة مع تسلم الخليفة الراشدي الرابع علي بن ابي طالب
قامة شرع بمباشرة الحياة السياسية ، حين كان يعمل على السيطرة على وظائف الكعبة في مكة التي ورثها عن جده قصي بن كلاب مؤسس دار الندوة ، وقد دعا عمه هاشم جد النبي لابيه الى المنافرة على عادت العرب بالاحتكام الى الكهان غير انه فشل في اقناعه للحصول عليها مما جعله يخرج من مكة الى بلاد الشام ، طاويا في نفسه عقدة السياسة من هاشم وابائه فيما بعد.
وقد اسفر هذا الصراع السياسي بين امية وهاشم عن ظهور اول عداوة بين البيتين العربيين واستمر الى زمن حرب بن امية وعبد المطلب بن هاشم .
الصعاليك : جمع صعلوك وهو ، لغة : الفقير لا مال له ولاسند .
والشعراء الصعاليك جماعة من شداد العرب ، عاشوا في القفار ومجاهل الارض ، يرافقهم الفقر والتشرد والتمرد وكانوا يغيرون على البدو والحضر على المضارب والقوافل والاسواق فيسرعون في النهب والتخريب ثم يمنعون في القفار الى معاقلهم الصحراوية فلا تدركهم الخيل سرعة عدوهم لمعرفتهم بمجازات المفاوز المهلكة وفي معاقلهم كانوا يخبئون الماء محفوظا في بيض النعام وقد اتصف الصعاليك بالشدة والاحتمال والصبر والشجاعة والقوة والكرم ، وكانوا يقتسمون المغانم ويساعدون الضعفاء والمحتاجين وبعدما يطمئن الصعاليك الى اسلابهم كانوا ينظمون ماتيم شعرا يتصف بالصدق والطبيعة ويحملون فيه على ما يظهر في اخلاق المجتمع من تواكل ورياء وكان هؤلاء الصعاليك من عرفوا بسواد لونهم لاختلاط دمهم بالدم الحامي من امهاتهم الحبشيات فسمو "اغربة العرب " امثال : استنفري والسليلك بن السلكة وتأبط شرا وآخرون واشد ما كان يؤلم الصعاليك الامويين ويؤذهم تخلي قبائلهم عنهم وامتناعهم عن مناصرتهم ينجى فيها كل منهما عل اهله باللوم ويغفهم لقعودهم عن مشاركته في حياته وتقاعسهم عن النهوض لمساعدته ، ومنهم من خلعتهم قبائلهم فسموا " الخلعاء" وذلك ان شيوخ القبيلة مخافة جريرة احد الصعاليك كانوا يشهدون العرب على انفسهم في سوق عكاظ او في غيرها من المحافل بخلعهم اياه فلا يحتملون مسؤولية عمله ولا يطالبون بما يجره لهم او عليهم ومن هؤلاء قيس بن الحدادية وابو الطمحان القيني والازدي كما اشتهر عروة بن الورد الذي كان يجمع الصعاليك ويهتم باحوالهم ويؤمن حاجياتهم ، حتى سمي عروة الصعاليك .واهم من ذلك ان الشعراء الصعاليك الامويين لم يكونوا بعيدين عن هذه المظالم بل كانوا متصلين بها واعين لها ، ساخطين علة الخلفاء الامويين بسببها ولعل اشهر صعلوك اموي ندد بسياسة الامويين المالية الجائرة هو مالك بن الزبير التميمي اذ يقول :
احقا على السلطان اما الذي له
فيعطي واما ما عليه فيمنع
وما انا كالغير المقيم لاهله
على القيد في بحبوحة الغيم يرتع
وكان للسياسة الاموية المظطربة التي تنازع فيها الحكم اكثر من حزب والتي كان الامويون يتصدون للقضاء على اعدائهم ، اثرها على بعض الصعاليك الامويين المتمردين ، فقد مضوا ينكرون على الخلفاء سياستهم الفاسدة وينتقدونها نقدا دقيقا على نحو ما يتضح في هذه الابيات التي يعرض فيها بن الزبير بمكر الامويين وتقلبهم ، ومجانبتهم للحق .
وقلة وفائهم ، وكثرة غدرهم بحيث لا يؤمن جانبهم ولا يطمان الى عهودهم لانهم انما يذكرون القبائل العدنانية حيث يشتد عليهم الخطر بما يربط بينهم وبينها من اواصر القرابى ولكي تساعدهم على سحق الثائرين بهم .حتى اذا تغلبوا عليهم عادوا الى سيراتهم الاولى معها من التنكر لفضلها والعنف بها .يقول :
لو كنتم تنكرون الغدر لكم
يا ال مروان جاري منكم الحكم
لا كنت احدث سواءا في امارتكم
ولا الذي كان مني قبل ينتقم
" الال : العهد " نحن الذين اذا خفتم مجللة " الرحم : القرابة" قلتم لنا اننا منكم لتعتصموا
فقل لبنى امية حيث حلو
ان خفت المهند و القطيعا
اجاع الله من اشبعتموه
واشبع من بحوركم اجيعا
بمرض السياسة هاشمي
يكون حيا لاميه ربيعا
ولا غرابة واذ نجد طائفة من الشعراء ترفع صحفا الى عمر بن عبد العزيز تشكو فيها من عماله وهذا كعب الاشقري يقول له :
ان كنت تحفظ ما يليك فانما
عمال ارضك بالبلادي ذئاب
لن يستجيبوا للذي تدعوا له
حتى تجلد بالسيوف رقاب
كما نجد كذلك شكوى طويلة في عصر ابن الزبير وهي على النحو التالي :
يا ابن الزبير امير المؤمنين الم
يبلغك ما فعل العمال بالعمل
باعوا التجار طعام الارض واقتسموا
صلب الخراج شحاحا قسمة النقل
وفيك صالب ليس بالواني ولا الوكل
اشدى يديك بزيد ان طفرت به
واشف الارامل من دحروجة الجعل
وهنا لا بد من ادلاء ملاحظة هامة عبر عنها الشعر الاموي هي الحياة الاقتصادية ولم يعبر عنها بالمال اي ايضا عن النظم الاقتصادية الموضوعة وكان قد دخلها اضطراب كثير في هذا العصر .فمن جهة كثرة الاقطاعات للولاة والعمال وزعماء العرب .ومن جهة فرض على الناس كثير من الضرائب الاستثنائية . وكان الولات يتفننون في ذلك فتارة تفرض باسم اجور العمال والخراج وثارة تفرض باسم نفقات العقود وسك النقود وغير ذلك ....
ومن بين الشعراء الثائرين على الامويين وقوم نوح وتمود من مثل قوله في يزيد بن المهلب حيث ثار وقتله الامويون
تمود :تمد: قلة الماء ال المهلب فرطو في دينهم
وطغوا كما فعلت تمود فباروا
واذا نظرنا الى الشام والحجاز والعراق وجدنا فيها فنونا من السخط على بني امية وتخاصمهم وتدعوا الى الانتفاض عليهم وهي احزاب الزبيريين والشيعة والخوارج . وكثيرا من الشعراء كانوا يفرون من الولاة والخلفاء فرارا حيث يقترفون ذنبا فتضيق الارض بهم على نحو ما نجد عند عبد الله بن الحجاج الثعلبي الذي كان شجاعا فاتكا صعلوكا من صعاليك العرب متسرعا الى الفتن وكان قد خرج مع نجدة بن عامر الحنفي الخارجي على عبد الملك بن مروان ، فلما قضى على نجدة ضاقت به الارض بما رحبت . ووصف هذا الضيق عليه من شدة طلب عبد الملك له
وهو يقول مصورا خوفه وفزعه :
رايت بلاد الله وهي عريضة
على الخائف المطرودة كفة جابل
تؤدي اليه كل ثنية كفة جابل : مصيدة
تيممها ترمي اليه بقاتل
وان هذا الخوف الشديد من الخلفاء والولاة اثر في نفسه وجعله يفكر و يقدر وياتى ويتمهل حتى اذا ضن الخليفة او الوالي غاضبا عليه ويترصده .
اما جحدر الحنفي فيصف كيف كانوا يعذبون ، اذ كانت ارجلهم توضع في القلق ، وهي ارجل المحبوسين فيها وتكون على نسق واحد ، ثم يضربون و يشبه ارجلهم والدماء تنزف منها ، يقول :
يغشون مقطرة كان عمودها
عنق يعرق لحمها الجزار
ومن ناحية اخرى صوروا خوفهم وهلعهم وهم في حبسهم وكيف كانوا اذ فتحت الابواب عليهم يصابون بالذعر والفزع .
وتشرئب اعناقهم وتتطلع عيونهم لتبصر ما جاء به الحارس اليهم من انباء او اوامر وفي ذلك يقول جحد الحنفي وهو محبوس بسجن اليمامة .
يا صاحبي وباب السجن دونكما
هل يؤنسان بصحراء اللوغد نارا
لو يتبع الحق فيما قد منيت به
او يتبع العدل ما عمرت دوارا
اذا تحرك باب السجن قام له
قوم يمدون اعناقا وابصارا
واشد ما كان يؤلم الصعاليك لامويين ويؤديهم تخلي قبائلهم عنهم و امتناعها عن مناصرتهم .ينحنى فيها كل منهما على اهله باللوم ويغفهم لقعودهم عن مشاركتهه في حياته وتقاعسهم عن النهوض لمساعدته ، حتى لقد وحد كل منهما لو لم يكن ينتسب الى قبيلته وتدرج ابياتا للقتال الكلابي الذي اتصلت جناياته واستشفى قبيلته ما كان يكلفها من اعباء الوقوف بجانبه ومظاهرته على اعداءه لكثرة ما اجرم يقول :
هل من معاشر غيركم ادعوهم
فلقد سئمت دعاء يا لكلاب
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا
ووحيت وحيا ليس بالمرتاب
اما اذا نظرنا الى الشعر الخارجي فلعل ما يلفت النظر بشان شعراء الفرق الخارجية ان شعر كل جماعة منهم جاء مناسبا مع حجم الاعمال العسكرية التي قامت بها كل منها.
الازراقة : كثر شعرهم الحربي ، تسجيلا لبطولاتهم وانتصاراتهم الحربية ، لان وجودهم كان سلسلة متصلة من المعارك المتواصلة.
الصفرية : قل شعرهم الحربي لان اكثرهم مال الى العقود ولكن يبدو ان الرواة حالوا بيننا وبينها وبين ما قيل في تصوير انتصارات شبيب الحروري الاسطورية اما
النجدية : فان الخلافات المبكرة في صفوف زعمائهم حالث بينهم وبين الاعمال الحربية العظيمة المتمرة .فقل شعرهم بذلك
الاباضة : لم نسمع لهم شعرا الا بعد ان قاموا بمحاولتهم الجدية للاستيلاء على بلاد الحجاج واليمن ودونهما وبذلك يمكن القول ان الشعر عند شعراء الفرق الخارجية بشكل عام كان اما تسجيلا لاعمال حربية او رثاء لقتلاهم ترغيبا وترهيبا .ويبدوا من غير الممكن تتبع نشاة هؤلاء الشعراء دراسة حياتهم العامة والخاصة بقصد التعرف الى مصادر ثقافتهم الدينية والفكرية اذ لم يتح لهؤلاء الناس ان يعيشوا حياة الهدوء والاستقرار لتعرف اخبارهم وتسجل اثارهم . كما يبدو ان الخوارج من جهتهم لم يكن يعنيهم من هذا الامر شيء فهم دعاة حرب وطلاب موت ليس غير ولا تستبعد ان تكون اخبارهم قد طمست كما طمست اشعارهم ، ولعل ابرز ما يميز هؤلاء الشعراء من غيرهم من معاصيرهم و سابقيهم انهم نسيج وحدهم .فلم يكن الشعر عندهم حرفة ولا هواية بل كان وسيلة انية يعبرون بها عما يحتمل في نفوسهم و ما يدور في خلدهم .لعل في الحروب ، وان اكثرهم قضوا في ساحة القتال .
ومهما قيل بهذا الشأن فان ما توفر لدينا من شعر الخوارج ـــ على قلتــه –
يشر بوضوح الى انهم كانوا بمنزلة عالية بين الفرق الاسلامية المعاصرة
وفي مجال شعر الحرب تحدث شعائرهم أيضا عن الأسلحة التي كانوا
يلجأون الى استعمالها والتي يمكن تصنيفها في نوعين رئيسيين ، هما :
{ السلاح النفسي الروحي و السلاح المادي العسكري }
ولقطري قصيدة في حرب وصفها ابن خليكان بأنها تشجع أجبن خلق
الله ، وذلك لشدة تأثيرهافي النفس ، ولعل جمال هذه القصيدة يكمن في
الحوار الذي بدأه الشاعر مع نفسه فإذاهو انسان كما في الناس ، تشده
الحياة اليها ، ويأخذه الفزع عند رؤية الأبطال فكأنما هي غريزة البقاء التي
تصارع القدر و ترفض الموت و الفناء ، ولكي لا فريسة سهلة أمـــام
نفسه التي تدفعه الى التخاذل ، فقد أخد يشحذها بالإرادة و الحزم . و يدفعها
الى الصبر و الثبات لان ارادة القدر لا تدفع و الموت أمر لا محالة واقع،
فإذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة و لا يستأخرون . ويخلص الى القول :
أقول لهما و قد جاشت حيات
من الأبطال ويحك لا تراعي
فانك لو طلبت حياة يوم
على الاجل الذي لك لن تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا
فما نيل الخلود بمستطاع
وما طول الحياة بثوب مجد
فيطوى عن اخي الغنع اليراع
سبيل الموت منهج كل حي
وداعيه لاهل الارض داعي
ومن لم يعتبط بسام ويهرم
حتى اذا افجرت عنكم دحنتها
صرتم كجرم فلا ال ولا رحم
ويقول جرير الذي لم تكد تمسه يد الملك حتى تحول داعية له ولابنائه في العراق بل في العالم الاسلامي كله .فقد كان شعره بديع في كل مكان ونسمع اليه يقول عبد الملك الذي سبق وان اعطاه مئاة ناقة وثمانية من الراعاة وذكر بن جرير ذلك في شعره .
لولا الخليفة والقران يقرؤوه
ما قام للناس احكام ولا جمع
انت الامين امين الله ولا شرف
فيما وليت ولا هيابة ورع الورع هنا : الجبان
انت المبارك يهدي الله شيعته
اذا تفرقت الاهواء والشيع
فكل امر على لمن امرت به
فينا مطاع ومهما ومهما قلت يسمع
يا ال مروان ان الله فضلكم
فضلا عظيما من دينه البدع
ويقول زيد بن السدي شاعر الزيدية وهو معارض وفي شعره ثورة شديدة على الامويين يتاثر فيها امامه زيدا الذي ثار فعلا عليهم .
اشارة لا بد منها :
تابط شرا لقب لثابت بن جابر بن سفيان الفهمي المضري ، وامه اميمة من بني القين من فهم ولدت خمسة نفر. تكثر الاخبار التي تدور حول الاسباب التي من اجلها حمل ثابت بن جابر لقب تابط شرا .
فقد ذكر الرواة انه راى كبشا في الصحراء ، فاحتمله تحت ابطه ، فجعل يبول عليه فلما قرب الحي ثقل عليه الكبش فرمى به فاذا هو الغول
فقال له قومه : ما كنت متابطا يا ثابث ؟
قال: الغول
قالوا : لقد تابط شرا ، فسمي بذلك كما ذكروا ان امه قالت له : كل اخوتك ياتيني بشيء
فقال لها : ساتيك الليلة بشيء ومضى فصاد الافاعي في جراب
قلنا كيف حملها ؟ قالت : تابطها قلنا : لقد تابط شرا فلزمه ذلك .
وروى الاصمعي ان الشاعر خرج من البيت يوما ، وقد اخد سيفا تحت ابطه . فجاءت امه ، فقالت : لا ادري ، تابط شرا وخرج .
السليلك بن السلكه:
شعره وديوانه : يمتاز شعر السليلك بالعفوية وصدق التعبير التي نجد عند سائر الصعاليك ، وهو يجسد بعض ما اعترضه من احداث ولم يجمع للسليلك ديوان ، كونه من الشعراء المقلين انما تتوزع مقطعاته القصيرة في الاغاني وقد اهتم بشعره الاصمعي .
جاء في الاغاني ان " السليلك" راته طلائع الجيش لبكر بن رائل وكانوا اجازوا منحدرين ليغيروا على بني تميم ولا يعلم بهم احد ، فقالوا : ان علم السليلك بنا اندر قومه فبعثوا اليه فارسين على جوادين فلما هايجاه خرج يمحص (يسرع) كانه ضبي ، وطارداه سحابه يومه ولم يدركاه وانصرفا وخرج الى قومه فاندرهم فكدبوه لبعد الغاية فانشا يقول :
يكذبني العمران عمر بن جندب
وعمرو بن سعد والمكذب اكذب
تكلتكما ان لم اكن قد رايتهما
كراديس فيها الحوفزان وقومه
فوارس همام متى يدع يركبوا
تفاقدتم هل انكرن مغيرة
مع الصبح يهديهن اشعر مغرب
وما للمرء خير في حياة
اذا ما غد من سقط المتاع
بعد هذه الاطلالة السريعة عن الشعر المعارض لبني امية وبعد هذا العرض السريع لشعراء العصر الاموي من صعاليك والخوارج ، تجدر الاشارة بما حفل تاريخ والشعر العربي بنمادج متعددة من شعر البطولة ، والمقاومة الا ان هذا الشعر ارتدى زيه التاريخي الخاص به حيث عرف شعر الحرب والحماسة والفخر ....الخ .. وهذه التسميات هي عناوين متعددة لازمنة المجابهة والاشتباك التي شهدتها مراحل التاريخ العربي على مختلف الجبهات الداخلية والخارجية .
وهكذا راينا بان لفساد الحياة السياسية والاقتصادية في عهد بني امية اتره في استمرار ظاهرة الصعلكة ، ويمكن تلمس ذلك بسهولة من خلال تنديد شعرائهم بالخلفاء الامويين وبسياستهم ومن ابراز الشعراء الصعاليك والفرسان في هذا العصر عبد الله بن الحجاج من قيس عيلان وعبيد الله بن الحمر الجعفي الذي يكرر تقاليد صعاليك الجاهلية في الكرم والعدل وتقسيم الغنائم بين جماعته من الصعاليك بالتساوي :
اذا ما غنمنا كان قسمة
ولم نتبع راي الشحيح المتارك
اقول لهم كيلوا بكمه بعضكم
ولا تجعلوني في الندى كابن مالك
المصادر :
الدكتور : شوقي ضيف
الدكتور : شكري فرحات : ديوان الصعاليك
الدكتور :شجيع الجبيلي : الفنون الأدبية في العصر الأموي
الدكتور :قصي الحسين : الفنون الأدبية في العصر الأموي