سلطان الما

الغالي الرائع سلطان الما مير لمحبه ....
حفيظ اللمتوني
لو كان لي من الإيادي ما للأشجار من أغصان لعانقتك بهم . لو كان لدموعي ما في ملوية من قطرات لذرفتها عليك من فرط فرحتي وأنا أعانق قصيدتك التي أعتبرها من أروع ما قرأت من أزجال حتى الساعة . لا أجاملك والمجاملة ليست من خاصيتي. سأعود بتفصيل لتسطير الحوار الذي جمعني مع قصيدتك هذه وسأسبح في ملوية رغم أني جار بهت و سبو .
امنحني هذا الأسبوع وسأعود بكل ما أوتيت من حمق.
لك كل الحب وللجامعة شرف احتضانك.

الصديق الرائع سلطان الما
حفيظ اللمتوني
لا تلمني إن عدت للنص بهذه القراءة المتواضعة فأنت تعلم مكانة هذه القصيدة في قلبي ومتعة مسامرتك أيها البهي.
سلطان الما التوحد والتطهر مع ماء ملوية
للشاعر حفيظ اللمتوني
كيف يمكن مقاربة قصيدة "سلطان الما"، دون أن تتبلل الكلمات دون أن نكون تحت رحمة الفيضان، فيضان الأحاسيس والصور الشعرية الجميلة؟
عندما أطلعني الصديق الرائع حفيظ اللمتوني على نصه هذا ذات لقاء خاص بمدينة زرهون على ما أذكر قلت له أن هذا النص نص فارق في تجربته الزجلية هو تحول في الكتابة ، ولادة ثانية وتحول عن قصائد ديوان "مير لمحبه".انتقال من القصيدة الموقف حيث الذات تغيب أمام صوت الجماعة والمضمون يغلب الأبعاد الفنية إلى القصيدة التأمل القصيدة التي تنطلق من الذات وينصهر الموقف الجماعي مع همومها لتعود لنا في قالب غير حكموي( نسبة إلى الحكمة المجذوبية) تصعد من الخاص إلى العام.
يقدم الشاعر النص بجملة : "مرتجله قدام ملويه و مسجله بالصوت".
هي إحالة على طقوس الكتابة عند الشاعر، قصائد مرتجلة في طقوس خاصة يحضر فيها الحال وتجربة صوة "القصبة" والشيخ المرافق له حيث يقول أن صوت القصبة
"يدخلني ريح ويخرجني روح"
والارتجال جميل في الكتابة غير أنه سيف ذو حدين حين تضيع علينا فرص لم يتم تسجيلها

مرتجله خداتها الحمله ما تكتبات ما تسجلات
..........................
.................................
............
.............................
.......................
ويحضر هنا تساؤل فني لماذا هذه الفراغ هل لنملأه مع الشاعر أم هو يعلم مضمونه ويدعه لغزا لنا؟ حسب علمي ومعرفتي بالشاعر فإنها لحظة انفلتت منه دون أن يقيدها بسلاسل الكتابة أو التسجيل وضاعت منه هو أيضا وبالتالي نحن وإياه نستوي في جهلنا لها.
في نقاش حضره الشاعر الجميل محمد الزرهوني وقفنا على فكرة التعامل مع القصيدة وأود أن أعيد ملخصا لذلك الحديث للاستفادة .
العواطف شحنة أساسية في كل إبداع والقصيدة تأتينا حيث لا نتوقع ولا ندري وأسباب النزول تختلف من مبدع إلى آخر حسب شخصيتنا ودرجة انفعالنا ...الخ. هذه اللحظة قد يسميها البعض الحال /الجذبة/السواكن وأسميها لحظة إلهام وعليه قد يُحتفظ بالقصيدة في المستوى الأول لكتابتها تحت ذريعة الحفاظ على حرارتها وتُذَيلُ بتاريخ ليلة أو ساعة أو مكان معين . بالنسبة لي أعتبر الشعر إلهاما في المرحلة الأولى وصنعة في المرحلة التي تليها ، ويجب أن تكون لنا جرأة البستاني حين يقلم أشجاره حتى تنبت زهورا أفضل.
الشاعر عليه أن ينقل لنا إلى إحساساته ومشاعره عبر تجريدها من الذاتية المغرقة في الخصوصية إلى المشترك مع ذواتنا حتى نتفاعل معه بدل أن ننفعل معه. الارتجال يعطينا مادة خام مهمة والاشتغال عليها هو الرهين بإعطاء الجمالية قد يصدق أن يكون الارتجال رائعا ولكنه سيكون استثناء وليس قاعدة.
وعليه فرأيي أن النص رغم جماله كان يمكن أن يكون أجمل وأن يكون من أروع ما كتب حول الماء لو تم الاشتغال عليه أكثر. شخصيا أشعر أن هناك أفكار و تعابر تتكرر أو تتشابه أو تؤدي نفس الوظيفة والوقوف عليها يتطلب تدقيقا وتفصيلا أكثر من هذه القراءة المتواضعة آمل أن تعود إليها أقلام متمكنة أكثر.
عودة للنص الذي يشكل بلحن جميل علاقات بين الشاعر والماء والقصيدة والكأس عناصر أربعة تتوحد حد التطابق في نهر ملوية حيث النهر بطلها بامتياز وتبدأ العلاقة المائية إن صح التعبير بالحلم الدفين الذي سينبت ويرفع رأس الذات الشاعرة حين يرويها ماء الوادي:
كانت حلمه
ف الظلمه مدفونه
وشحال كان يخصها من الما
مسكينه كانت مغبونه
كانت نجمه
مطفيه ف صدر ملويه
حتى عمر الصدر
وبدا يقر
اه يا ضو
شحال كان خاص من الضو
باش يولي هاذ القلب قده
شحال خاص من كاس
باش نرفع هاذ الراس
الماء في كل الأساطير منبع الحياة وكل الأديان(اليهودية والمسيحية والإسلام) تقول بأن الله وضع عرشه على الماء وعليه سيسيد الشاعر نهر ملوية ليصبح" سلطان الما" ويصبح أيضا لقبا للشاعر ذاته بعد أن كان "مير لمحبه" ليغتسل ويتطهر ويعود لنقطة البداية نقطة يحتويها الكأس نقطة تكبر نجمة تضيء تنير الظلمة
ياسلطان الما
غسلني ..طهرني
ديرني فقاع الكاس
والى ما لقيتني واقف
ريب هاذ الساس
كانت حلمه
وصبحت نجمه وسط الكاس
تقهر الظلمه
تفيض يا حفيظ
بالحكمه
التوحد مع الماء حيث "سلطان الما" يصبح صاحب الماء بل الماء نفسه بل الأم ذاتها والعطش الدائم والرجوع المتكرر للجوانح / للدواخل لإيقاظ كل الأحلام والرغبات :
يا سلطان الما
يا مول الما
يا الما
يايما
علاش هاد القلب ما ترواش

" بغيتك تدير نقطه وترجع للصدر"
تركيب فيه جدة و وشاعريته مصدرها كلمة "صدر" حيث أن كلمة سطر كانت ستفي أيضا بمعنى مشابه غير أنها ستكون من الكلام المتداول وهذا ما قلناه في خاصيات الجمل الشعرية
الحلم لما ارتوى انطبق مع الذات الحالمة في صفة نجمة تنفلت من الكأس لتكبر وتفيض حكمة:
كانت حلمه
باضت وفاضت بالما
سقات كل قنات
ولمحبه كانت غير سبه
باش نشد معاك لوقات
وعلاش هاد الدنيا
ما قداش
تكون بلا ما
الشاعر كما أسلفت يتوحد مع النهر ويتطابق معه يستمد منه المحبة ويمنحه المحبة ليفعل منه/منها ما يشاء على أساس أن تنبت قصيدة واضحة المعالم .
يا سلطان الما
صب محبتك ف ترابي
هاذ لقصيده عطشانه
الى رطابت
تتعرى تتقوى
تدير لسانها ف لسانك
هاذ الكاس
فاض ف عيون لقصيده
وسالت شله حروف
وبان المعنى مكشوف
... يا سلطان الما
ها محبتي ليك
رويها.. سقيها
ودير اللي بغيت فيها
غرقها.. فيضها.. رطبها
تطلق النبات
وفين ما بغات تبات
تدير الظل وتطل
علي لقصيده
بلا خنات
الماء ولا شيء غير الماء وسيلة التطهر تروي العقل لإنتاج الحكمة ولكن أيضا تذكر ببداية التكون تكوُّن العالم أو تكوُّن الإنسان عبر السباحة في ماء الأرحام أو في الطفولة البريئة والحقيقة العارية :
يا سلطان الما
جيب الما .. خد الما
روي لعقل بالحكمه
طفي جماري
صفي فكاري
برد ناري
يضوى نهاري
خليني فيك نعوم كيف الدراري
ما ندرق ما نداري
ها نا ف محبتك ساري
هانا قدامك عاري
دير نقطه ورجع للصدر
في أروع صورة شعرية يصف الشاعر النهر /الحية ويطلب أن تلتوي عليه كصيد لها لتثبته لا لتلتهمه ولكن لتعيد له الحياة ثانية هي لعبة الحياة والموت وخلخلة الأمر الطبيعي (السم=الموت) بل مصدر لعطش الحياة الدائم :
يا ملويه
تلواي علي وديري لسانك ف لساني
تدفقي في
حتى تعمر كيساني
وتحيى تاني
خوضي كاسي
فيقي حساسي
بلا بيك انا ك نمساس
كنولي عطش ساكن الكاس

المقطع فيه لعب على الجناس بشكل جميل فيه إيحاء لأسطورة التنين وهي بالمناسبة تعبير على ما قلت حول ضرورة الإشغال على القصيدة في أفق التكثيف إذ الجزء الثاني :
اه يا ملويه
يا لبليه
عنقتني كيف الحيه
وانت حيه
رديت لقصيده
ف ترابي حيه
تطرزت بشله نوار
وشله من ظلام فضحاته لنوار
هو تفسير وتأويل للمقطع أعلاه كان بالإمكان الاستغناء عنه أو صياغته بشكل آخر يكون إضافة نوعية للفكرة السابقة.
دعوة التوحد والإرتواء حد الثمالة لينكتب قصيدة مثمرة قابلة للحصاد:
يا سلطان الما
انا نقرا
وانت نقره
ما فيك نحاس
عمر باش نقر
عمر هاذ الكاس
خلي بوه يفيض
بلحساس
خلي هاذ الجنان يخضار وينظار
جيبو لمناجل ولمواس
وعمرو لقصيده بالقنطار

العلاقة بين الشاعر والنهر تصل حد الشوفينية وله الحق في ذلك حيث أن سلطان ماءه لا يساويه سلطان.
اش من سبو
اللي قدامك ك يحبو
اش من درعه
اللي مازاله ف حصايدك ك ترعى
اش من بهت
اللي فمرايتك ك يبهت
و واد الذهب
ف محبتك ك يرغب
وعلى وجهك انت
جا تانسيف
وقدم البيعه لجرسيف
هنيئا لملوية بهذا الحب الجارف ونحن أهل بهت وسبو كيف نجيبك يا ابا حفيظ!!!!!!!
تختتم القصيدة بالبيعة النهائية "لسلطان الما" ويقدم الشاعر نفسه بديلا للبحر كوجهة للنهر حتى يستقر فيه وبالتاي في جرسيف :
ياملويه يا سلطان الما
صب محبتك في وخليها تختر
علاش تضيعها
ف لبحر
دير نقطه ورجع للصدر
ملاحظة نهر ملوية هو النهر الوحيد الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط عكس كل أنهار المغرب التي تصب في المحيط الأطلسي أو في الصحراء
لك مير المحبة هذا المقطع من قصيدة أسباب نزولها ملتقى جمعية الهامش الشعري بجرسيف


سول عيني
عل اللي ف بالي
واش رديت من جفوني
ما تسالني الليالي؟
عليا علات لحلام
وجوادي يجذب
بكلام
بسلام
يبكي بعيون
غالية عليا
والنعاس يساوم
والعين تقاوم
حب الناس
خلاني عساس
سهران حتى نقنع
من ندامي
من شواقي
من عطشي للزين
العين تتفرج
لفجر يفوج
وحر الشوق
ف الكبدة باقي
صاحي
العين تكمع ف صباحي
ما فيها باس
ف طريق الناس
والناس للناس لباس
و انتوما جوادي
غاليين
عاليين
رايقين
ملحة لطعام العشق
نقر ياك
نقر بالسيف
و الشاهد قرسيف
وقلال الشيخ
اللي خلا
مير لمحبة
ف لخلا
يدوي بالسيف
يهزو حالو
يقول وينس ما قالو
عاصر عمرو ف الكاس
و ملوية لاوية عليه
مجذوب
يقول كلام..... نقطة
و"يرجع للصدر"
يطلق دموعه
مرابعه تجري
بلا حراز تقول
...........
وها ليفكم
عكاز يردف خطواتي
ولساني وليفكم
يشرب
يسهر
يروى
و يجيكم
محرف آرز لبلاد
عشق لبلاد
هوى لولاد
و عسل الشيح
يقطرو ف كاسكم
عكاز الطريق
مسرب ف الضيق
كلام يليق
لجودكم
كل الحب لك ولجرسيف وأهلها
.