يتعرض لها أو تطرأ عليه، مربوطة بمصائر الشخصيات وهم يتحولون في مجرى الحكي وفق مقتضيات الزمن"
(10) .
ولتحديد العلاقات الفضائية ينطلق سعيد يقطين من الفواعل المركزيين والموازين أي العوامل الثلاثة : الصاحب، القرين، الخصم. لأنهم يجسدون الحركة الدائبة في فضاءات السيرة الشعبية. ويمفصل الباحث العلاقات الفضائية إلى مركز ومحيط. المركز مرتبط بصاحب الدعوى المركزية، والصراع هو الذي يحدد العلاقات الفضائية المختلفة. ويقدم الباحث بعض أوجه العلاقات التي تعين رؤية ومواقف المركز من المحيط : فرؤية المركز للمحيط يطبعه من جهة : الاستغراب والسخرية، ومن جهة أخرى التعجب والتقدير وهذه الرؤية تتأسس على ثلاثة مواقف :
1- التسامح
2- نقل المعرفة
3- الصراع.
ويقتصر فضاء النص على بعدين أساسيين : الحكي والمجلس فالأول مرتبط بالفضاء الخطابي والثاني يحيل على الفضاء النصي. فالفضاء الخطابي هو العمل الحكائي باعتباره فضاءا، حيث إن الراوي ينقل المتلقي من فضائه الخاص إلى فضاء الحكاية، وذلك باستخدام مجموعة من الصيغ الدالة على ذلك. أما الفضاء النصي (المجلس)، فهو يتعلق بالتفاعل الحاصل بين المروي والمروي له وهو يبرز في أمرين : الأمر الأول تأكيد الانتماء إلى فضاء المجلس، والأمر الثاني استعداد دخول عالم السيرة.
3- خاتمة
هذه هي الحكائية كما تتجلى من خلال السيرة الشعبية، و ما يمكن أن نستفيده من هذه الدراسة أشياء كثيرة، إلا أن أهمها هو أن الأستاذ سعيد يقطين يعيد بناء صورة جديدة للسيرة الشعبية. فبعد أن كانت مهمشة نجده يعيد لها الاعتبار وذلك بتناولها بالدرس والتحليل، مع تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها الدراسات السابقة، هذه الأخيرة التي تناولت السيرة و ذلك بعزل بعضها عن بعض، كما أنها قرأتها قراءة مرجعية انعكاسية. في حين نجد باحثنا قد قدم لنا السيرة الشعبية باعتباره موسوعة حكائية، أي نصا واحدا يحتوي على بناء واحد، كما لو أن راويها شخص واحد.
إن بحث الدارس ينم عن تمكن خصب من منهجيته وأدواته وتصوراته، وقد انعكس ذلك في الطريقة التي قدم لنا بها تصوره حول السيرة. فلا يمكن لنا بعد الآن أن نتصور السيرة الشعبية كما كنا نتصورها قبل بحث سعيد يقطين، إن هذا البحث سيشكل بداية رصينة نحو بحوث لاحقة تطور هذه الأطروحة بالنقاش والتحليل المتعمق. ومع ذلك لا يفوتنا أن نطرح سؤالا بسيطا على هذا العمل الضخم وهو كالتالي : يرى الباحث أن النظام أو الانتظام الذي حاول إبرازه في السيرة ليس نابعا عن رغبة ذاتية بل جاء نتيجة تشغيل أدوات ومفاهيم هي التي قادته إلى اعتبار أن للسيرة نظام محدد، لذا يبقى السؤال مطروحا، هل النظام من طبيعة المادة المدروسة أم هو فعل من أفعال القراءة ؟ إن الجواب عن هذا السؤال قد يشكل موضوعا للدراسات المقبلة و ذلك إما بتعميق هذا الطرح أو نفيه.
(1) سعبد يقطين :
قال الراوي، البنيات الحكائية في السيرة الشعبية. المركز الثقافي طبعة 1/1997. ص 7.
(2) نفس المرجع :ص 12.
(3) سعيد يقطين :المرجع المذكور. ص 13.
(4) سعيد يقطين :المرجع المذكور. ص 35.
(5) نفس المرجع .ص 38.
(6) نفس المرجع .ص 53.
(7) سعيد يقطين : المرجع المذكور.ص : 163.
( سعيد يقطين :المرجع المذكور.ص 184.
(9) سعيد يقطين :المرجع المذكور .ص 224.
(10) سعيد يقطين :المرجع المذكور .ص 271.