انه الاستدلال الارسطي الذي يبني نتائجه و يستنتج خلاصاته المنطقية بقضية واحدة ملزومة بقضيتين ،" سقراط انسان ـ الانسان فان ـ سقراط فان " و لكي يتمكن العقل المنطقي من الانتقال بالذهن من مسلمة او فرضية، الاولى وصفية و الثانية مقارنة، فان الحكم النهائي يكون استدلاليا منطقيا .لكن السؤال البديهي و المنطقي ،مادام الخطاب الذي بين ايدينا هو خطاب منطقي ،كيف لنا ان نستخلص من منطق هذه الانا الشاعرة تلك الفرضيات و المسلمات التي وضعتها للوصول الى النتيجة الختامية و المنطقية .فالفرضية او المسلمة الاولى تبني صورتها من خطاب جاء ضمنيا يبتدئ بأداة شرط " ايلا " ،و اما الخطاب الضمني| الفرضية الاولى ، فانها تستمد مقولتها من "فكر ذكوري " ينبني على اسس تشييء المرأة و الحط من قيمتها كإنسان بعقل إدراكي و قلب يتفاعل و يحس،اذن فالصيغة النهائية لهذه الفرضية الضمنية ستكون على هذا الشكل :
ـ اذا كان هذا الفكر الذكوري يزعم ان المرأة اخت الشيطان
و كما قلنا فان الصاق صفة الشيطان بالمرأة هو مستمد من المقولة الذكورية :"المرأة شيطان جميل "
و اما الفرضية الثانية و التي على اساسها سيتم استخلاص النتيجة المنطقية لتفنيد و دحض الاطروحة الذكورية :
ـ و الراجل شقيق لمرا
لتصل بنا بعد ذلك الانا الشاعرة الى الخلاصة المنطقية لمجموع الفرضيتين،وقد بدأت خلاصتها ب"اذن" التي تعني وصولها الى حقيقة تساوي الرجل و المرأة في صفة الشيطان .
ان هذا الطرح الزجلي في صيغة تداولياته المنطقية و العلمية ،يعكس الى ابعد حد تشبع الانا الشاعرة بالمعادلات الرياضية و العلمية ،فاذا كان الشطر الاول من القصيدة و التي عنونتها الانا ب "منطق " ،و قد كان هذا المنطق معبرا عنه باستدلال و استقراء منطقي ،استخلص منه تقاسم الرجل و المرأة صفة الشيطان ،فان الانا الشاعرة في الشطر الثاني "معادلة " ستقحم نفسها كي تكون هي الفاعلة و المستخلصة لمنطق المعادلة "شفت شغلها فين واصل " .و كما في المعادلة الاولى " منطق" ،تستهل الانا الشاعرة طرحها بعبارة تحمل في طياتها عبارات عديدة ضمنية "قالوا عقل لمرا مخصوص " ،و كما هو الحال في الشطر الاول ،فاننا هنا امام "فكر ذكوري " نستمده من فعل " قالوا " و عبارة " عقل مخصوص" تحيلنا على تلك النظرة الدونية للمرأة من خلال قولهم :" المرأة ناقصة عقل ..."
لكن الفرضية التي ستأتي بها الانا الشاعرة لمحو و إزالة صفة "نقصان العقل " من على المرأة، هو ما رأته بأم عينها "شفت شغلها فين واصل " أي ما وصلت اليه المرأة من تقدم و ازدهار في عملها ،ثم بعد ذلك سنجد انفسنا امام خلاصة استقرائية لفرضية اولى تغيب فيها الانا الشاعرة ،و يحضر فيها الاخر أي الفكر الذكوري "قالوا عقل لمرا مخصوص " ،ثم الفرضية الثانية ،و التي ستسجل دخول الانا الشاعرة من خلال "شفت شغلها " ،و اما الخلاصة الاستقرائية ،فان عنوانها يعبر عنها ايما تعبير ،انها " المعادلة " في صفة الانسانية ،معادلة بنت مقولتها على اساس التساوي في عقل الانسان الذي قسمته الانا الى قسمين ،او نصفين " جوج نصوص" نصف للمرأة و نصف للرجل ،انها معادلة لرد الاعتبار للانسان في علاقته بالانسان نفسه
اذن فالمرأة تتساوى مع الرجل في صفة " الانسان " و " العقل "
و اما الشطر الثالث " لعوين " ،فانه تعبير ضمني عن العلاقة التي قد تربط المرأة بالرجل و العكس ،انها مرآة صادقة لملامح الحياة التي يتقاسماها في مدها و جزرها " قالت له كنبغيك ـ و عطاته بالظهر " " قال لها كنبغيك ـ و عطاها بالظهر " انها الحياة في علاقتها بالرجل و المرأة في لحظات انفراجها و لحظات فتورها ،و حتى في لحظات الفتور " عطاته و عطاها بالظهر " ،فان دهاء الانا الشاعرة ستغير ملامح هذه الصورة السلبية ،لتجعل منها صورة ايجابية، انه السند المتبادل بينهما "غير واحد ـ بغى يسند لاخر " اذن لنتساءل معا عن الرابط المنطقي الذي يوحد و يجمع بين كل هذه المركبات الثلاث ( منطق ـ معادلة ـ لعوين ) ؟
ففي " منطق " ،هناك ما يمكن ان اسميه " برد الاعتبار الوضعي للمرأة من خلال طرح منطقي ،يساوي بين المرأة و الرجل في الصفة السلبية التي يحاول الرجل الصاقها بالمرأة فقط : " الشيطان " .في " معادلة " هناك مساواة صريحة في صورة الانتماء للانسان من خلال اقتسامهما بالتساوي عقل هذا الانسان .و اما " لعوين " فانه الخلاصة المنطقية و الرابط المنهجي الذي يوحد الاضلع الثلاثة المؤثثة للقصيدة ،انها الحياة التي لا يمكن اطلاقا ان نحياها باستغناء طرف عن الاخر ، فاحتمال ان " يعطيها و تعطيه بالظهر " لكن لا غنى لهما عن مساندة بعضهما البعض .