الحالة السياسية بالأندلس
في عهدي ملوك الطوائف والمرابطين-1-
الدكتورة:صباح بلحيمر
توطئة:
تميزت فترة عهد ملوك الطوائف بالاقتتال على السلطة،وتفشي الفساد السياسي والفتن والنهب،إلى أن جاءت فترة حكم يوسف بن تاشفين،،حيث ترسخت أركان الدولة في عهده وعرفت البلاد استقرارا،سرعان ما اضمحل حين خلفه ابنه علي بن يوسف الذي لم يكمل مسيرة أبيه لضعف شخصيته مما أدى إلى ظهور ثورات في المغرب والأندلس.
أ-عهد ملوك الطوائف:
تميزت فترة عهد ملوك الطوائف بعدم الاستقرار والفوضى والتشتت،واستقلال الإمارات استقلالا واهيا لافتقادها لأبسط مقومات الدولة،من حيث أسسها الهشة،وواجه ملوك الطوائف مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية،فأصبحوا غير قادرين على تشكيل وحدات قائمة بذاتها استغلها ملك الجلالقة فردناندا وبعده ابنه ألفونس في فرض الجزية عليهم، استعدادا للاستيلاء على الأندلس.
إضافة إلى المكائد والصراعات التي جمعت بينهم،قال ابن الخطيب:"أما أمراء الدول ،فجعل الله بينهم من التحاسد والتنافس والغيرة ما لم يجعله بين الضرائر المترفات،والعشائر المتغايرات،فلم تتصل لهم في الله يد ولا نشأ على التعاضد عزم."1
وقسمت الأندلس في عهدهم إلى دويلات:
-دولة بني هود 2:
أسسها سليمان بن هود، الملقب بالمؤتمن(ت438ه)، وبعده ابنه المقتدر بالله(ت475ه)، الذي استحوذ على إمارات إخوته الأربعة.كانوا يملكون طرطوشة وأعمالها وسرقسطة وأعمالها،وأفراغة ولاردة،وقلعة أيوب.
-دولة ابن الأفطس3:
أبو محمد عبد الله بن مسلمة التجبي المعروف بابن الأفطس(ت461ه)،استولوا على بلاد غرب الأندلس وبعض المدن المجاورة للبحر الأعظم.
-دولة الجهاورة4:
كانوا يحكمون قرطبة وأعمالها،حتى غلبهم عليها صاحب طليطلة إسماعيل بن ذي النون(ت429ه).
-دولة بني برزال 5:
وهم رهط من زناتة،كانوا يملكون قرمونة واستجة وحصن المدور.
أما دانية وميورقة،ومنورقة ويابسة وجزء من جزيرة سرذانية،فقد كانت تحت إمرة مجاهد العامري(ت436ه)الذي تسمى بالموفق بالله 6،ليخلفه ابنه علي بن مجاهد(ت474ه).
وملك طليطلة وأعمالها الأمير أبو الحسن يحي بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن موسى بن ذي النون(ت467ه).
أما اشبيلية فقد كانت مملكة قوية بين ملوك الطوائف،أسسها القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن محمد بن عباد اللخمي(ت439ه)وخلفه ابنه المعتضد بن عباد (ت461ه) الذي وسع الإمارة،قال صاحب المعجب:"ولم يزل المعتضد على هذا يدوخ الممالك،وتدين له الملوك من جميع أقطار الأندلس".7
ثم جاء بعده ابنه محمد بن عباد (ت 488ه) الملقب بالمعتمد على الله،والظافر والمؤيد بالله،إلا انه خالف مسيرة أبيه وجده،إذ وصفه ابن الأبار بقوله:"وكان المعتمد من الملوك الفضلاء والشجعان العقلاء،والأجواد الأسخياء المأمونين عفيف السيف والذيل،مخالفا لأبيه في القهر والسفك،والأخذ بأدنى سعاية،رد جماعة ممن نفى أبوه وسكن وما نفر،وأحسن السيرة،وملك فأسجح،إلا أنه كان مولعا بالخمر منغمسا في اللذات،عاكفا على البطالة مخلدا إلى الراحة،فكان ذلك سبب عطبه وأصل هلاكه".8
مما جعله يؤدي الجزية إلى فردناندا ملك قشتالة وبعده إلى ألفونسو ابنه،الذي استغل ضعف ملوك الطوائف فبدأ بالهجوم عليهم ،وبعد سقوط طليطلة في أيدي المسيحيين استنجد المعتمد بن عباد بيوسف بن تاشفين.
يتبع
الهوامش:
1-أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام، من ملوك الإسلام-قسم الأندلس-للسان الدين بن الخطيب.
2-البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذاري المراكشي 3/222.
3-المصدر السابق 3/236.
4-المصدر السابق 3/156.
5-المصدر السابق 3/268.
6-المصدر السابق 3/156.
7-المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي ص 72.
8-الحلة السيراء لابن الأبار 2/54.