الحالة السياسية بالأندلس
في عهدي ملوك الطوائف والمرابطين-2-
الدكتورة:صباح بلحيمر
ب-عهد يوسف بن تاشفين:
*الجواز الأول:
على إثر استنجاد ملوك الطوائف بيوسف بن تاشفين،جاز هذا الأخير إلى الأندلس يوم الخميس من سنة تسع وسبعين وأربعمائة1،واستقبله بالجزيرة الخضراء المعتمد بن عباد مع باقي الملوك والرؤساء.
ولما سمع ألفونس بخبر جوازه،ارتحل عن سرقسطة للقائه،فكانت موقعة الزلاقة التي انتصر فيها المرابطون على المسيحيين.
*الجواز الثاني:
وفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة،عبر ثانية إلى الأندلس استجابة لاستغاثة ابن عباد من ألفونس الذي شحن حصن "لييط" -التابع لأعمال ابن عباد-بالرجال والسلاح والخيل.
فلما نزل الأمير بالجزيرة الخضراء،استنفر أمراء الأندلس إلى الجهاد،فلم يستجب منهم سوى ابن عبد العزيز صاحب مرسية،فنزلوا الحصن وضيقوا عليه وحاصروه،ثم عاد بعدها ابن تاشفين إلى العدوة.
*الجواز الثالث:
وبعد مدة جاز ثالثة إلى الأندلس برسم الجهاد ،حتى نزل طليطلة فحاصرها وبها ألفونس،ولم يأته أيضا أحد من أمراء الأندلس،فلما انتهى منها،سار إلى غرناطة ليحاصرها ونجح في ذلك،لأن صاحبها عبد الله بن بلكين بن باديس بن حبوس،تحالف مع ألفونس ومده بالمال ليقاتل الأمير يوسف بن تاشفين،وملك الأمير ما كان بحوزته من الأعمال والمال وأرسله مع أخيه تميم صاحب مالقة،إلى مراكش مع أهلهما،حيث ماتوا بها،أما علاقته بابن عباد فقد ساءت لما مشى الوشاة بالنمائم،فتغير الأمير عليه،وفوض أمر الأندلس-بعد عودته إلى مراكش-إلى قائده "سيري بن أبي بكر اللمتوني"الذي أرسل إلى ابن عباد في أمر الطاعة،وتسليم أعماله فامتنع،فحاصره القائد حتى فتح جيان وقرطبة سنة أربع وثمانين وأربعمائة،وبياسة وأبذة وحصن البلاط،والمدور والصخيرة وشقورة.2
مما دفع بابن عباد إلى الاستنجاد بألفونس ،الذي نازل المرابطين فهزم،فدخل سيري إلى اشبيلية وأمن صاحبها في نفسه وماله وأهله،وبعثه إلى أغمات إلى أن أدركه بها الموت سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.3
ج-عهد علي بن يوسف بن تاشفين:
وفي سنة ست وتسعين وأربعمائة،مات يوسف بن تاشفين،فتولى ابنه علي فسار على نهج أبيه،لكن الأوضاع تدهورت كما وصف صاحب المعجب قائلا:"واختلت حال أمير المسلمين رحمه الله بعد الخمسمائة اختلالا شديدا،فظهرت في بلاده مناكر كثيرة،وذلك لاستيلاء أكابر المرابطين على البلاد،ودعواهم الاستبداد وانتهوا في ذلك إلى التصريح،فصار كل منهم يصرح بأنه خير من علي أمير المسلمين وأحق بالأمر منه.
واستولى النساء على الأحوال،وأسندت إليهن الأمور،وصارت كل امرأة من أكابر لمتونه ومسوقة،مشتملة على كل مفسد وشرير وقاطع سبيل،وصاحب خمر وماخور،وأمير المسلمين في ذلك كله يتزايد تغافله ويقوى ضعفه،وقنع باسم إمرة المسلمين،وبما يرفع إليه من الخراج،وعكف على العبادة والتبتل،فكان يقوم الليل ويصوم النهار مشتهرا عنه ذلك،وأهمل أمور الرعية غاية الإهمال فاختل لذلك عليه كثير من بلاد الأندلس،وكادت تعود إلى أهلها،لا سيما منذ قامت دعوة ابن تومرت بسوس".4
الهوامش:
1-الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس لابن أبي زرع ص 183.
2-المصدر السابق ص 195.
3-تاريخ ابن خلدون 4/203.
4-المعجب ص 154.