الزهرة درار مشرف
عدد الرسائل : 1048 تاريخ التسجيل : 26/05/2007
| موضوع: اشكالية الخيال في الفلسفة العربية الاسلامية لمصطفى كاك الإثنين أبريل 21, 2008 11:06 pm | |
| | عندما يتفحص الباحث تاريخ الفلسفة الإسلامية –كما صاغته الكتابات المتداولة- يلاحظ أن ثمة أمرا أساسيا كان محور السؤال والإجابة، ونقطة الانطلاق والوصول في نفس الوقت، ويتعلق هذا الأمر بالخلاف بين الوحي الديني والحكمة الفلسفية أو بعبارة أوضح بالاختلاف بين النقل والعقل. وقد اتخذ تاريخ الفلسفة الإسلامية صورة إجابة عن هذا الخلاف الأساسي، وهي إجابة تنطوي على المطابقة بين العقل والنقل، وإثبات وحدة الحقيقة وهوية الفكر. . ومعنى ذلك أن تاريخ الفلسفة يظهر كما لو أنه لم يوجد إلا ليتحقق من خلاله التطابق ويرتفع في الأخير كل اختلاف، بحيث لا مكان للخلاف والاختلاف في تاريخ الفلسفة. هذه الصورة التي يعكسها تاريخ الفلسفة "الرسمي"، ليست هي الصورة النهائية، أو الوحيدة، ذلك أننا نجد وجوها عديدة للاختلاف حفلت بها كتب الفلاسفة أنفسهم، مثلما نجد إشكالات ضمنية قد حجبتها إشكالية العقل والنقل. ومن الملاحظ هنا أن أغلب المؤرخين العرب للفلسفة الإسلامية قد سقطوا في ذات المنطق الذي وجه نظرة المستشرقين إلى الفكر الإسلامي، حيث أن إشكالية العقل والنقل قد تم دائما تناولها من وجهة نظر النزعة الأوروبية المتمركزة حول العقل. وكانت نتيجة ذلك، البحث باستمرار في الفلسفة الإسلامية عن العناصر التي تؤيد تطابق النص الديني مع العقل.. وحتى لو كان هذا النص يستند في أغلب أجزائه على الإشارة والصورة والرمز أو الحكاية والمثل فينبغي "تأويله" كي ينسجم مع مقتضيات العقل المركزي. هذه النتيجة ستؤدي إلى اعتبار النقل نقيضا للعقل (وهي فكرة عمل أغلب المستشرقين على الترويج لها –انطلاقا من نظرة قدحية للخيال ولعناصر اللامعقول)، ومن ثمة وقعت التضحية بالكثير من عناصر الموروث القديم، وخصوصا العناصر التي كان لها الشأن الكبير في صيرورة الفكر العربي الإسلامي، وهي تلك التي يمكن إدراجها ضمن مفهوم الخيال والخيال الرمزي.
وقد لاحظ الأستاذ الجابري أن تاريخ الفلسفة "الرسمي" غالبا ما أهمل تلك الأمشاج من الآراء الفلسفة والدينية التي تميز بها الشرق، لأن "تاريخ الفلسفة "الرسمي" المعاصر تحكمه "المركزية الأوروبية" وبالتالي فهو لا يهتم إلا بالطريق الذي سلكته الفلسفة في بلاد اليونان موطنها الأصلي إلى روما وأوربا في العصور الوسطى ثم أوربا الحديثة. أما الطريق الذي سلكته الفلسفة من أثينا إلى الشرق خلال فتوحات الإسكندر وبعدها إلى أن استقرت في بغداد عاصمة العباسيين فهو لا يهتم بها".
هناك كذلك نوع من التواطؤ بين التاريخ "الرسمي" للفلسفة القديمة مع ما يطلق عليه الأستاذ الجابري "التاريخ الركامي، والمقصود به التاريخ المشحون بالآراء المنحولة والمطبوع بتداخل الأزمنة الثقافية والذي تقدمه كتب "الملل والنحل" العربية انطلاقا من عصر التدوين".
وقد حاول "العقل العربي" باستمرار إثبات معقوليته، بنفي اللامعقول (والنقل) انطلاقا من تصور ملتبس وغامض عن عقل خالص. ومسألة الحوار بين العقل والخيال لا تعدو بعض الحالات الاستثنائية المندرجة ضمن إطار التصوف أو الحكمة الإلهية، بعبارة كوربان. ولقد أدى نفي الخيال إلى عودة اللامعقول والمنقول (أو "المكبوت") متظاهرا بكيفيات مختلفة ومتعددة. وبذلك فمسألة الهوية والاختلاف –كمسألة أساسية في الفكر الفلسفي الإسلامي- يتوقف تحليلها على المعالجة الفعلية لإشكالية العقل والخيال، انطلاقا من الخيال نفسه ككيان أنطولوجي له قوته، وبعيدا عن التمركز العقلي.
تثبت الدراسات التي قام بها مرسيا إلياد كيف أننا "بصدد فهم شيء لم يكن بمقدور القرن التاسع عشر حتى الإحساس به، وهو كون الرمز والأسطورة والصورة تنتمي إلى جوهر الحياة الروحية. وأنه بالرغم من قدرتنا على كبتها وإعطابها والحط منها لا نستطيع اجتثاتها بصفة نهائية". إن الأساطير والرموز –رغم ما تعرضت له من اختزال وقهر- ما تزال تقاوم وتلعب دورا في حياة البشر من خلال الشعر والأدب.. بل إن الأدب لدليل على استمرار التعبير الأسطوري عن الحياة الروحية من خلال الأشكال الرمزية.
فمنذ الفترات القديمة والإنسان يبحث عن فجوات وانزياحات خارج نطاقه التاريخي وخارج الأنماط الفكرية الجاهزة. وهذا لا يعني ضياعه ككائن بشري، كما لا يعني بأية حال التبدد النهائي لـ"ماهيته" أو "هويته" –بل إن الخروج عن الشروط التاريخية لا يعني ضرورة التوحش، كما أعتقد الفكر المتمركز حول العقل أو التاريخ الأوربيين، ذلك أن "من أبرز مظاهر التمحور على الذات والتركيز عليها، انتقاء التواريخ والأحداث "الهامة" استنادا إلى مركزية، غالبا ما تكون هي المركزية الأوربية. فقد جرت العادة على تبني التحقيبات التاريخية الشائعة والقائلة بأن ثمة "عصرا قديما" وآخر "وسيطا" و"أزمنة" حديثة و"معاصرة". وانطلاقا من ذلك يتم تحقيب التواريخ الأخرى تحقيبا مطابقا لا يحترم خصوصية هاته الأخيرة وزمانها الفعلي. وبهاته الكيفية يتم كبت تلك التواريخ الأخرى وتدمج في تاريخ واحد هو التاريخ كما يراه الغرب".
.
|
| |
|
حميد بركي شاعر
عدد الرسائل : 626 تاريخ التسجيل : 24/05/2007
| موضوع: رد: اشكالية الخيال في الفلسفة العربية الاسلامية لمصطفى كاك الإثنين يونيو 02, 2008 10:30 pm | |
| شكرا لك أختي على هذا الاختيار مفيذ للغاية | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد الأحد نوفمبر 16, 2008 3:45 pm | |
| |
|
زائر زائر
| موضوع: رد الأحد نوفمبر 16, 2008 5:18 pm | |
| موضوع جميل يحتاج إلى تمعن طويل وما احوجنا إلى مثل هذه المواضيع لإحياء العقل المفكر لدا الإنسان العربي ويذكرني هذا الموضوع بالفيلسوف الشاعر حميد بركي |
|
زائر زائر
| موضوع: v$ الأربعاء مارس 31, 2010 2:09 pm | |
| |
|