فجأة وبدون سابق إنذار وجدت نفسها وحيدة، محاطة بفراغ قاتل، غابت التي كانت عنها تنوب ، تحولت أغرودة اللحن الطروب إلى أوجاع اغتالت براءتها اغتالت بسمة ثغرها التي سرقها الشحوب، أحاسيسها المرهفة مزقتها ثقوب، أصبحت مثل أعمى يبحث عن عكاز يعتمد عليه ليجتاز الدروب.
وهي لا تزال صبية لا يتجاوز عمرها ست سنوات فقدت الدفء والحنان فقدت النور والأمان فقدت حتى المكان، لأنها لم تعد تحس به كما كان خصوصا عندما دخلت إليه امرأة الأب التي أحست بأنها تسرق منها كل شيء ، لم تترك لها حتى حضن أبوها عندما يأتي من العمل كي يعوضها عن حنان الأم المفقود، ذلك الحنان الذي هي في أمس الحاجة إليه وهي في هذا السن .
كم مرة جلست على عتبة الدار وهي تحمل محفظتها عند عودتها من المدرسة فتجد بابا موصدا .
أعياها الانتظار، كل يوم تقف ساعات مرة ترتعد من البرد والجوع ومرة تلهبها حرارة الشمس المفرطة دون أن تجد يدا رحيمة تمد لها يد العون والمساعدة.
طفح الكيل بعد أ ن طال الانتظار، خرجت من المنزل تبحث عن نهار جديد وهي ما تزال طرية غضة لا تعرف شيئا عن الحياة والشارع ، وهي لا تعرف أنها تسير إلى الضياع مرة أخرى، فالشارع لن يكون أرحم عليها من زوجة الأب، كلاهما جحيم لا يطاق.
في أول الأمر ذهبت عند أختها الأولى قصد الاحتماء بها، لم يقبلها زوجها، كررت المحاولة مع أختها الثانية ، لم تجد إلا الصدود وعدم الترحيب، في آخر المطاف ذهبت عند أخوها الذي كان يكتري بيتا مع أحد الأصدقاء،ضانة أنها ستجد الراحة والأمان ، فإذا بها تهدد بالاغتصاب.
بالله عليكم أين المفر أين الذهاب، حتى أبوها لم يعد يعرف أين هي بحجة أنها ستجلب له العار ، أي عار وفلذة كبده تلوع بينما هو لا تهمه إلا زوجته وإنجاب أطفال منها.
لكن الله لا تغيب عينه عن كل مظلوم، عوضها عن أيام الحرمان وأنقدها من الضياع وهي الآن تعيش حياة طبيعية مستقرة.
ملاحظة : هذه قصة واقعية عاينت كل مراحلها.