أحمد طنيش مشرف ..عضو حركة الحواس الخمس الأدبية
عدد الرسائل : 41 تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: الحاج عبد الرحمان السيرتي الأربعاء أغسطس 20, 2008 2:51 pm | |
| الحاج عبد الرحمان السيرتي
بقلم: أحمد طنيش
لعشاق الفن دروب وملل ونحل، عبر الزمان وصيرورة الزمن، ولعشاق الموسيقى شعب ومسارات، كما لهم الاتجاهات والمدارس والاختيارات الفنية والإبداعية..، إذن لهؤلاء العشاق سيرة خصوصية وذاتية واجتماعية وجماعية عبر المعمور، وجدت نفسي وأنا أود أن أتناول قصة وسيرة رجل ينتمي لهذا المحراب.. أني ملزم بتوطئة موضوع الفن الموسيقي طاهرا، وعلي بالتالي أن أشير أن الموسيقى بالمغرب جذور وأصول وأنماط..وارتباط تاريخي وتراثي واثني... أما ذا وقفنا على المرحلة الحديثة والتي يصطلح عليها مرحلة الأغنية العصرية بعزفها ومطربيها وموزعيها وكتابها وجمهورها، فالقصة تطول وتتشعب أكثر، لكن من اللازم أن أضع كل هذا وزيادة أمام عيني وفي خاطري، لكي يتوضأ قلمي ويتطهر وهو يود أن يلج لحضرة سيرة الموسيقى والطرب المغربي.. "الأغنية" ذاك المولود الأسطوري في الحياة الإنسانية، يترنمون به ويحتفلون معه ويتحلقون حوله وفي حضرته (وفق تقاليد البداية) إذ الأغنية بجل أنواعها حاضرة في البيوت وفي المناسبات وفي الأماكن الخاصة والعامة، وفي ذاكرة وفي اللحظات.. هل تساءلنا عن المراحل التي مرت منها هذا المولود الأسطوري"الأغنية"، وكيف تكونت ونمت وأينعت؟..لعل أهم مرحلة هي مرحلة المخاض الأول الذي يظم الولادتين: الأولى مع الكلمات، والثانية مع اللحن، أما الولادة الكبرى فهي مرحلة كتابة النوطة، ثم يأتي التوزيع والتمرين مع الجوق ومع تواصل وتناغم وتحاور الآلات المختلفة التي تمثل "كونسرتو"، تحت قيادة المايسترو..في مرحلة الولادة الكبرى، يكون الميلاد الكبير، ويكون العرق والجهد الجهيد والإعادة والإعادة المعادة والتكرار وتوالي التمرين والسهر مع الترميم والإضافة والإغناء، وذلك ليتلقاها المستمع والجمهور وهي فاكهة جنة... في خضم هذا العرق الذي تصبب وقوة التركيز التي مورست ولمة الأحاسيس التي تسربت لتلتقي مع باقي الأحاسيس وفق اختلاف النغمات وتوافقها، وتكريما وتقديرا لهذا الجهد، أود أن أقف احتراما وإجلالا أمام، كل الرجال المؤسسين ومن ضمنهم رجل اسمه الحاج عبد الرحمان السيرتي، الذي كانت انطلاقة مساره سنة 1960 مع جوق السعدي/جوق التقدم، وهو في عنفوان شبابه وتوقه وشوقه الفني..ولننتقل معه إلى سنة 1963 مع جوق الشروق وقد تعرف على الحاج يونس الذي كان عازفا ماهرا هو الآخر على الكمان،..ولننتقل كذلك مع الحاج عبد الرحمان إلى سنة65/66، السنة التي أسس فيها عبد الوهاب الدكالي جوقا اشتهر باسمه، سماه أركسترا العهد، ارتباطا بأغنية العهد..مع جوق الدكالي هذا، بصم الحاج عبد الرحمان حضوره التاريخي والتوتيقي لسيرة أغنيات خالدة له الشرف أنه كان أول من تمرن عليها مع الجوق وكان الحاضر والفاعل في مرحلة الميلاد الكبرى، يتذكر الحاج عبد الرحمان، قطعة "تتعجبني" والتي تم التمرين عليها لأول مرة تزامنا مع ميلادها كلحن وذلك بكنيسة الزرقطوني، ونفس الشيء مع أغنية "ّهاني هاني اللي ناداني" للمرحوم فيتح، وأغنية"عشاق ملال" لمحمد لمزكلدي...ويذكر الحاج عبد الرحمان جولة المغرب والتي نظمها وأقامها جوق الدكالي وتحت رئاسته سميت بليالي الربيع وذلك سنة 1968.. وكان ضمن فعاليات الجولة فرقة العروبة المسرحية بأسماء المسرحيين الكبار مثل محمد الخلفين عبد اللطيف هلال، أحمد الصعري والمرحوم أحمد العلوي، واللائحة طويلة.. والآن أين هذا المؤسس وشاهد العصر، والحاضر في المراحل التأسيسية للأغنية العصرية الخالدة، أين الحاج عبد الرحمان السيرتي الذي هو محور مقالنا هذا؟.. وأين رفقاء الدربوالذين من الأكيد أن بعضهم قضى نحبه والباقي أسس وفعل وساهم وأبدع واليوم هو في الظل وفي ذاكرة النسيان؟.. ياترى من يمارس هذا النكران، وإن قيل: ليس هناك نكران، نقول: ربما الذاكرة الجماعية الفنية فقدت وعيها وبوصلتها؟.
إلى حدود مطلع هذه السنة كان الحاج عبد الرحمان السيريتي كعادته ملح الجلسات يناقش ويتفكه على الحياة يمارس ضدية النسيان والنكران بشغبه مع الأصدقاء، وهو الحامل في كل اللحظات لصور تحمل لحظات الأمس تقول وتصرح أن هذا الرجل من العيار الثقيل ومن الموسيقيين الكبار الشامخين كيف لا وقد وقف وراء المطربين الكبار مغاربة وعرب وأجانب، يفتخر بمحبوبته التي يعانقها كالولهان، "الكونترباص" كان يعتبر الحاج عبد الرحمان سيرتي في مرحلته مطعم الأجواق التي تطلب خدماته، فعلا إنه رجل شامخ كآلته الشامخة راصخ كقوة نبراتها مرهف الحس كنغماتها، مع العلم أنه الرياضي دو البنية الواقفة القوية كان هذا إلى حدود مطلع السنة وبين عشية وضحاها أصيب بوعكة صحية كادت أن تقضي على حياته وكادت أن تصيبه بشلل تام، وفي صمت وفي ذاكرة النسيان حمل ألمه وحده رفقة أسرته الصغيرة، أما أسرته الفنية التي قدم لها زهرة عمره وزهو فنه، فلم تلتفت إليه ولم تزره ولم تآزره، حتى حمل أعضائه التي مازال بعضها في سكون حركي وحضر إلى فضاءه المعهود(مقهى الأميرية، وبالي دور، ولاشوب...) يحمل دموعه وشكوى دوي القربى، ورغم ذلك لم ولن يتنازل عن بسطه وتفكهه على الحياة وبالمناسبة والأصدقاء يتحاكمون إليه ويترافعون، ويعتدرون، يصرح الحاج عبد الرحمان وينوه بشكل معاد كفرحة طفل أعادوه لأهله، أنه ينوه بالسيدة زهور الحر، رئيسة الجمعية المغربية للأسرة، وزوجها محمد الكرتي الذين ساندوه وكانوا يفكون بزيارهم له عزلته بالإضافة لأبناء الحومة، وبعض الأصدقاء من الميدان الفني..هنا يوجه الحاج عبد الرحمان خطابه العتابي كوصية روحية لأصدقائه، مصرحا علينا أن نحب بعضنا ونتواصل ونتزاور ونسأل عن بعضنا البعض، فالنسيان والنكران ذاكرة للنفي..
_________________ لساني له الصمت الذي هو فيه، عجبت لي لغتي، كيف اختارها من شظايا ألم ؟! . ألم يحن الزمن بعد لأغير وجهة قلمي، لمعجم مرح، يمدح ويصدح، بالفتنة والرغبة والحياة؟؟ | |
|
توفيق البيض زجال
عدد الرسائل : 202 تاريخ التسجيل : 31/07/2008
| موضوع: رد: الحاج عبد الرحمان السيرتي الخميس أغسطس 21, 2008 2:30 pm | |
| يستحق الحاج عبد الرحمان السيرتي، تبعا لما جاء في مقالك أن يكرم تكريما يليق بمقامه. مقالتك هاته ترد الإعتبار له، ونكون نحن لقرائتنا لها قد كرمناه في '' جامعة المبدعين المغاربة''.لأنه معلمة بارزة في تاريخنا.سيبقى منقوشا في الذاكرة. تقبل مروري. توفيق البيض الحمري . | |
|