وجهة القلم
إلى مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، وبالخصوص إلى قصة " مرت بي " من المجموعة القصصية " فنطازيا " لصاحبها الأستاذ: عبد المجيد جحفة
لساني له الصمت الذي هو فيه، عجبت لي لغتي، كيف اختارها من شظايا ألم ؟! . ألم يحن الزمن بعد لأغير وجهة قلمي، لمعجم مرح، يمدح ويصدح، بالفتنة والرغبة والحياة، هذا منظورها وهي توجهني نحو كتابة لم تنكتب بعد في كراستي، ولم تسجل حضورها في قاموسي، أصارحكم، لم أجد الجواب غير تدوين هذا الحدث، وغير اعتزازي بهذه المرحلة، التي أصبحت أتجاوب فيها مع حروف تعرفني وأظنني أعرفها، وتنتظر مني أشياء كما أنتظر منها منتوجا، قد يسمى قصة قصيرة، لعلاقة وحكاية ليست بالقصيرة .
لساني حروف متخاصمة نطقا، لا تود أن تتواصل لفظا، وتموه المعنى لغرض لا أعلمه، لذا تجدني أقول بها شيئا وتقولني أشياء أخرى، فهل أنا فعــــــلا أعــــرف حروفي وتعرفني؟!، أم تجمعنا علاقة نشاز، ما إن أرغب في التواصل، حتى يصدمني الواقع المر، واقع ما زال يشغل اللسانيين، وما يزال يشغل نطقي. حملت قضيتي هذه إلى أهل المعاجم، طالبا مفـردات بـديل، لا تتكســر وتنطـق بسهولــة دون عســـر، فلـم أجـــد غيــر مفـــردات، قــــديمة شـــاذة، مهملـة، أراحتني بعض الشيء نطقا، وطوقتني بنوع آخر من المشاكل، سيما وقد أعدت من الأموات، ونطقها عبارة عن حوار الجد الأعلى، مع حفيد حفيده. وفي غمرة مشكلتي هاته لجأت إلى الصمت، في البداية عوضت التواصل بالكتابة، لكن مشكل الخط خلق خلطا آخرا فعوضته بكتابة "برايل"، التي سرعان ما طـردت من نقــر ثقوبــها، الذي هلهلته وصيرته كالغربال، لذا لجأت إلى الصمت المطبق، معبرا بالإيماءة، التي اختلطت لي حركاتها وأحرجتها هي الأخرى .
وها أنا ذا الآن، أجلــــــس على الطــــــريق، أنتظر لغتــــي الممكنة، الباحثة عن التواصــــــل، أفترش لساني المكسر، وأجدني أقوم خطوطه، لعل حروفي تستقيم، وأطل على لهاتي، وأعالج حبالي الصوتية، ليوزن الحرف والنبر، بتركيب سليم، نحو نطق بالبيان، ودلالة لا تتيه في عالم المعنى، مسترشدة بحسن المبنى. لكن لساني ظل معتصما وله ولي ولنا الصمت الذي نحن فيه .
أحمد طنيش
_________________
لساني له الصمت الذي هو فيه، عجبت لي لغتي، كيف اختارها من شظايا ألم ؟! .
ألم يحن الزمن بعد لأغير وجهة قلمي، لمعجم مرح، يمدح ويصدح، بالفتنة والرغبة والحياة؟؟