نظـــــــــرات
في ديوان مدينة في القلب
للشاعر حميد يوسفي - -
إن الساحة الفنية قد طبعت عليها ألوان كثيرة من الفنون المعبرة عن خوالج الذات.
مما أدى إلى ظهور تجارب جديدة ، يسعى بها القدر الى تأسيس مدارس جديدة لا إراديا عبر التأثير والتأثر ويقودنا الحديث إلى التكلم عن الشعر خاصة لما لعبه من أدوار ريادية في الحياة الانسانية فكل مولود جديد ، لا يستطيع فهمه غير الأرض التي أنجبته ، مهما كثرت المحاولات ، لفهم كنه هذا المولود الجديدى .
فالنظرات والرؤى، تختلف من شخص الى آخر ، فيكبر ذلك الاختلاف عند القارئ – المتلقي – عند تحليله لأي عمل شعري .
مما يؤدي إلى ظهور تصنيفات جديدة ، الشيئ الذي يعطي القدرة للشاعر على الانفلات بنظرته الى العوالم التي يحيافيها ، والمشاكل التي يشاكلها بركان يتفجر ، سيل عارم ، ينزل من سماء حاضرة غائبة ليس لأحد القدرة على رده أو اعتراض سبيله إذن فالهدف يبقى واحدا ووحيدا مهما اختلفت الأعمال ، أسلوبا ومعنى ، بناءا وإيقاعا .
انه يصبو دائما إلى التميز والفرادة ، في عالم ‹ أكون أو لا أكون › .
وإمعان النظر في ماض الفن وحاضره ، يمكننا من تصنيف المبدعين إلى أصناف .....
منها المبدع الأكاديمي الذي تؤطره شواهد إدارية تعليمية ، وتوجهات حزبية عقائدية.
ومنها العصامي الذي تشهد له عفويته وسلوكه الاجتماعي وواقعه كهاو استطاع استنطاق الطبيعة وحاول فهمها فتأثر وأثر وظل يبحث عن هويته في نفسه .
وحميد يوسفي واحد من هؤلاء الفرسان الذين تقدموا الساحة بأسلوبهم البسيط الذي يجسد تلك التجربة الفريدة التي جاء بها ديوانه ( مدينة في القلب ) تجربة يطغى عليها جانب الحكي في أسلوب تتفاعل فيه الذات والآخر ، وتتشاكل فيه غرابة المحكي بالصورة انه انزياح قريب من الشعر بعيد عنه قريب من القصة بعيد عنها انه القريب البعيد انه الأسلوب الفريد ، انه بركان من أحاسيس لا تتمتع بها إلا ذات بين الذوات ذات الشاعر المثقلة بهموم المدينة القلبية انه يرى ما لا يراه غيره من البشر انه اظغام للقصة الحكي في الشعر .
انه صوت يأتي من الماضي الحاضر ومن البعيد القريب ، غير آبه بقواعد أو نواميس موضوعة ، انه ينطلق من نواميسه الكامنة في ذاته العاشقة المحتشمة معتمدا على ما ترسخ في ذهنه من إيقاعات محسوسة في
عصره .
فما ذنبا جنا ؟
ذاك الذي ............
رمى..................
من تعاويد القدامى
غسل يديه
بات يركن
إلى .....................!!!
جنان الجنا.
شعر عبد الحكيم الزراري
إذن ان الشاعر حميد يوسفي يغلب على كتاباته أثر الرمزية كما يطبعه الانفلات والتمرد على العادة والمعتاد في الشعر ،
متبنيا في ذلك إلى حد ما مدرسة أستاذه الشاعر المقتدر محمد اللغافي .
نعود الى ديوانه مدينة في القلب لنقف على بعض الأبيات .
مثال أول :
من سيمر من هنا ؟
الشارع ليس كعادته هذا النهار ؟
نعم انه يتسائل ويستفسر عن من سيمر من هنا ، وإخبار أن الشارع ليس كعادته هذا النهار .
- فماذا يهمه من المار من هنا ؟
- وما يقصد بحرفي أو كلمة هنا
- والشارع ما الذي غيره هذا النهار
- علما أن النهار يساوي النور عكس الليل الذي يناقضه ( الظلمة العتمة ) فالحقيقة أن المارة هو ذلك المجهول المعروف عند الشاعر .
وهنا أي مكان استقراره اما ماديا أو معنويا أو محلقا في عالم من الخيال ، لأن المكان هو المكان ما لم يكن شيئ يحمله ويغيب به مادام مستقرا .
والمكان قد يكون منزلا أو طريقا أو ...............................لأن الأمل متجه اليه فيكون مقر استقرار أووسيلة تؤدي اليه فيكون طريقا ، ويأتي الاخبار أن الشارع ليس كعادته لأن الطرق التي كانت تؤدي الى الأمل مختلفة فالسبيل الذي يؤدي بك الآن اليه ليس هو ما أدى بغيرك ليلة أمس .
- مثال ثان :
زورق بلا مجاديف
في البحر
أو ............
في اليابسة .........هو المشتهى
ومفتاح الرغبات
للذين
يأتون
حفاة .........................عراة
- هنا يظهر طابع الرمزية والكناية ظهور الشمس للعين المبصرة ، زورق بلا مجاديف
- إلى ما يرمز الشاعر حميد يوسفي بالمجداف والزورق :
فالزورق هنا بلا مجاديف بلا أمل في النجاة كالآلة التي تسير بلا مكابح
الزورق في البحر أو في اليابسة دائما يمثل وسيلة النجاة والسبيل إلى البر الآخر إلى الضفة الأخرى حيث المدنية .
وسيلة تمثل المفتاح الذي يحقق كل الرغبات الدفينة في النفس المكبوتة والمبهورة بقشور الأشياء
- انها نفس صبي رضيع ما ان تمنعه عن شيئ الا ازداد تعلقا به .
- الذين يأتون حفاة عراة ؟
من هم ؟ من أين والى أين ؟
أنهم الذين خاصمهم الدهر أمد بعيدا إن صح القول ، فظنوا أن خصامه ملازم لهم ودون البحث عن الأسباب خرجوا أفرادا وجماعات باحثين عن الزورق حتى وان كان بلا مجاديف في البحر أو البر .
لا يهم فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ، أنظر إليهم كيف جاؤوا في وصف الشاعر : حفاة عراة .
عجبا لقساوة الدهر قد ألهب ظهورهم بسياطه الناري ، فباتوا يتحينون الفرصة للهرب واستبداله بدهر آخر .
رغم علمهم بخيارين لا ثالث لهما ، فقد يكون أرحم ، كما قد يكون أعنف وأشد غلظة .
المهم هو استبدال الجلاد بجلاد آخر ...........!!!!!!!!!!!
بقلم عبد الحكيم الزراري