انسلال
ها..
بدأت أنسل
خيط شعاع
من عجين الأرض
الأرض التي
تتستر على خطاياي
ها
جلدي الرمادي
يرتدي
قشرة
كانت تغطي جرخ الشمس
كل المسالك
التي
تجرفنا...شائكة
وليكن الذي
يطوي
الذكريات..بالاشارات
عائدا
من ذاكرة الريح
ببقايا
التحام
على طاولة
kanyada
ها اشتعال ..أخير
يتدلى
فاتحا
فما استثنائيا
لظل...نسي أن
يرتدي
بياض الفصاحة
استحوذته
تفاصيل..بلون
قد يكون ..نديما لليل
ها
هو المكان ..ليس كما تركناه
يشاكس الفقد
في
انتظار
قصيدة قد تنبت قريبا
بين الجرح
والصدى المتبقي
من نغمة
ناي
بح
ليلة
الاعلان عن عبث
يتسلل
الى
القلب
محمد اللغافي
29..1...2008
-----------------------------------
قيل دائما بأن المعاناة هي السبب الأبرز والرئيسي في الإبداع الأكثر جودة وفنية بالنسبة لجميع الأجناس التعبيرية المختلفة. أما لما يتعلق الأمر بمجال الكتابة عموما فإن المسألة تصير أكثر أهمية نظرا لخصوصية الأدب التعبيري في توفير الكم الهائل من الجمال والمتعة. أما لما يتعلق الأمر بالكتابة الشعرية فالمسألة تزداد أهمية أكثر لكونه أقوى الأنواع الأدبية في النطق بالفكرة الشعرية التي تصير بالشعر ذات معان مثيرة في مسألة الإمتاع الأدبي فنيا. وقد ظلت المعاناة أهم عامل على تقديم أهم الأعمال الأدبية والشعرية على مر العصور والأزمنة.
المعاناة هنا بمفهومها الشمولي. الذي يتضمن كل أنواع الألم. شكلا ومضمونا. لا فرق.
قصيدة الشاعر الصديق محمد اللغافي بعنوان انسلال تندرج في هذا السياق العام حول مفهوم وفكرة المعاناة. لأنها تقدم حالة نفسانية عاشها الشاعر في مجال من مجالات الحياة عادة. ففي هذا الزمن المادي والقاسي والآلي والنفعي قليلا ما تجد شخصا يتألم بهذه الشدة وبهذه القسوة المكبوتة في الداخل زمنا ليس بالهين. لكن القصيدة تأتي مؤخرا لتقدمها لنا في قالب شعري لما جاء حادث نفسي ومعيشي فجرها كي تعبر عن واقع إنساني بالأساس وعن مسألة نفسية تبدو مضمرة ومدفونة من زمن بعيد في نفس الشاعر الذي كان قد عبر عنها في قصائد أخرى لكن قصيدة انسلال كانت أكثر دقة وعمومية وفنية في توضيح الواقعة وتشكيلها من خلال اللغة الشعرية.
منذ البداية تعلن القصيدة بأنها مقسمة إلى شطرين رئيسيين. الأول يجسد زمن المعاناة. لما كان الشعر يعيش في الظلمة. في السواد. في الفراغ العاطفي. أو في حالة من افتقاد عشق نموذجي مبحوث عنه. يعيش حالة نفسية من المعاناة والألم المكبوث منذ زمن ليس بالهين.
لكن حادثة غرامية وقعت فغيرت المجرى وأوجدت الجانب العاطفي المفقود وغيرت حياة المعني. من الظلمة إلى النور.
من المعاناة إلى الراحة والإرتياح والشعور بالرضى.
المسألة بأكملها رصد لحالة نفسية لما قبل وما بعد العشق. بحيث تم الانتقال من الموت إلى الحياة. من الخمود إلى النشاط والحركة والبسمة. كأن الحب بمثابة ميزان للنفس البشرية بامتياز بين الألم والفرح.
الدليل على أن الأمر يتعلق بامرأة هو كالتالي:خيط شعاع.المسالك التي تجرفنا. بقايا التحام على طاولة. اشتعال أخير يتدلى فاتحا فما استثنائيا. الإعلان عن عبث يتسلل إلى القلب....ولو أن هذه العبارات ليست دالة بالشكل الكافي عن عشق معين. الأمر الذي يقود إلى القول بأن القصيدة جافة عاطفيا ورومنسيا. للدلالة على جفاف ما قبل الحب وعلى الشك والخوف من الحب الجديد. مع العلم بأن هذا الجفاف ولو أنه أفقد النص بعض المتعة فقد أضاف إليه جمالا فنيا يتعلق بالوعي باللغة المستعملة وتوظيفها شكليا في خدمة المضمون.
الجانب المظلم في التجربة يتجلى في التعابير التالية:عجين الأرض. خطاياي. جلدي الرمادي. شائكة. ذاكرة الريح. بقايا التئام. بين الجرح والصدى...هذه الأمثلة تدل على ما قبل الحادث العشقي المذكور.
أما الجانب المشرق من التجربة. والذي يمثل مرحلة ما بعد حادث الحب. فيمكن التدليل عليه بالعبارات التالية: خيط شعاع. اشتعال أخير. نديما لليل. ناي. قلب....وللتذكير فالمسألة فيها فقر لغوي واضخ مبرره الجانب الفني المذكور سابقا.
المهم هو أن القصيدة تؤرخ لمرحلة من حياة محمد اللغافي. وهي التي أتت بين غياب الحب وبين ظهوره فجأة. لكن عمومية اللغة المستعملة وشح المفردات في سكب الكثير من المعاني الممكنة وغياب التفاصيل جعل الموضوع بسيطا غابت عنه بعض جماليات تلك العناصر المفقودة التي لو توفرت دون أن تمس بأهمية الجانب الفني لكنا بصدد نص آخر أكثر شاعرية. يبدو إذن أن محمد اللغافي ركز على رصد الحادث فقط. لكن هذا التركيز أبان عن نفسية الشاعر بشكل واضح في التعامل مع الغرام وفي استهلاك هذا الغرام.
لكن لا بد من القول بأن القصيدة في إطارها العام حافظت على نسبة عالية من الجودة في التعبير عن المشكل من جميع النواحي. وخاصة جانب الصورة الشعرية الذي كان له وجود مثير وجميل للغاية.
الكلام يطول جدا.
وللختم أتمنى للشاعر أن ينسل مرارا من جهة إلى الجهة المناقضة. كي يكون الإنسلال بقدر ما هو لعب وسرقة ولهو وتجسس واكتشاف ومغامرة وتجربة...بقدر ما يكون سببا في إبداع قصائد جميلة.
ومع ألف شعر.
الإثنين فبراير 18, 2008 2:18 pm من طرف أسماء محمد