صورة الماء...قصيدة مسموعة

للإستماع إضغط هنا:

https://www.youtube.com/watch?v=DecXx4NfbcM

صورة الماء

باكراً على مشارف الأمس
ولدتُ
قرب المعلقاتِ و الضبابِ
منذ الآن وحيداً
من ضجةِ الناس, وحيداً وحيدا
قرب غدٍ لا يأتي كثيراً
ولا يذهبُ إلا بعيدا
كالباعةِ المتجولين ,محملين بالهدايا الصغيرة
وبراعةِ الكلام
قرب الماءِ ولدتُ ,
كي أحبو سريعاً
يابساً في الغمام
كنّا نظن , قلّةَ الماءِ إحدى ميزات السحاب
صرنا نظنّ , قلّة الماءِ إحدى ميزات انتشارنا
حتى لا نغوصَ في الطينِ أكثر , والصحراء منا والتراب
صرختُ, كي أحبو سريعاً
من عيون الخراب
, يا الله
صرخةَ الميلادِ , وقلتُ:
لا أراني
كي أقولَ بأنيَ طفلٌ , هادئٌ لا يتحسسُ كل شيء
لا يتحسّس أي شيء
كي يعرف البرتقال من بقايا الانفجار
أو يميز الخيامَ عن بقايا المهزلة.
كنت انتقي الحصى كالصَدف الملون
لأَبْني شرفةً صغيرةً تطلُّ على البحر
لا بحرَ في دمائنا من قلةِ الماء
صرنا نظنّ أنّ قلةَ الماء إحدى ميزات الماء
كان ينمو من تدفق الأشجار
قبل أن نقطّعها , بدعوى التراثِ
ونخالفَ وصايا الأنبياء
لا بحر
من كثرةِ الصحراء
من كثرةِ الجِمال, تطلّ على الهباء
تجترّ السراب من السراب
لا بحر الآن في عيون النساء
كي أسافر غريقاً تماماً
كما قلت للأصدقاء في رقصةِ الشتاء
ساعةَ الجفاف
لا بحر للأصدقاء
ولا أصدقاءَ أيضاً للبحر الكبير
بكلّ ما فيه من هدير
كي يقولوا مرحباً أو وداعاً
كي أحملَ الهدايا والعطايا
كي أعودَ وأذهب َ بين الهواءِ والهواء
لا صوت للهواء من تنفّسِ الوقتِِ في ارتخائنا
هل مات الوقتُ مثلنا في هذه الصحراء؟!
في هذه الصحراء
نعلّقُ الماءَ صورةً بزاويةٍ سوداءَ على الجدار
كالشهداءِ , كالوقتِ
كالأحلامِ الجميلةِ , وأيضاً كالأصدقاء
يسيجون حقولهم بالنرجس الفضي على اللوحات المضاءة كالنشيد:
احذروا الوطن والدهان
احذروا عليقنا السامَّ , وأملاكنا الخاصّة
و احذروا الشظايا الجارحة , من مرآتنا المهشمة.
ولدتُّ قربَ البئرِ حين جفت من رغبةِ الماءِ
إلا من يوسفَ شاهداً على الذئب الرحيم
لأبناء عمومةٍ يعشقون الصيد في السبتِ
وإخوةٍ يعشقون الملح القديم
يصطادون موجةً تلو موجة
يهللون , يكبرون , ويلعنون شيطاناً رجيم
وفي الأشهر الحرامِ , يتركون شباكهم منصوبةً للصيدِ
ويمارسون القتل الرحيم
هواية التزلّجِ عند بوابة التاريخ
وهواية التبرج الباذخة
كالتسكع بين أطلالِ القصيدة واتهامِ الفلاسفة
كاختلافنا على لون الماء النادر
واختلافنا على انتماء الشهيد
على البعيد بين الصحراء والسراب.
ولدت لأمٍّ يانعة
تخضرّ في الجفاف
ترسم السحابَ للسحاب
من ندى جبينها الخجولِ
تلك معجزة الله ,
وكنز القراصنة الموجب للعقاب
وأنا...أنا
إسماعيلُ والكبشُ فيّ
ملح أخوتي وأصدقائي /السراب
وأمي ما زالت هنا , أمي
تخاف عليّ وتخشى عليّ
من النساء والرمال والذكريات
ولكن ,لا زمزمَ تحت قدميها الحافيتين
في هذه الصحراء
كي تستقبلَ أو تودعَ زوجها بعد القليل
لا هدهداً يرشدها إلى الماء
في هذا الغبارِ الكثيفِ , لا دليل ولا دليل
صرتُ أعلم – هنا في هذه الصحراء- قلةَ الماء
قلةُ الماء : - وجع الأمهات ِ بعد الرحيل.

هيثم الريماوي

الشاعرهيثم الريماوي

يسعدني أن أكون أول من يعلق على هذا البهاء الشعري
سلاسة اللغة وتقنية الصورة الشعرية مع تناغم داخلي
شكرا لك
وألف مرحبا بك بيننا

موضوع: رد السبت أكتوبر 30, 2010 11:35 pm

مرحبا بالشاعرهيثم الريماوي

قصيدة رائعة.
لغة شعرية نقية بكل مكوناتها من الفاظ وتركيب وخيال وموسيقى
ومن موقف انساني.
استمتعت بنصك الجميل.
تحياتي لك.

مشرف عدد الرسائل : 1048 تاريخ التسجيل : 26/05/2007

نبضك بنفس طويل أستاذ هيثم ومتناغم

شكرا لهذا البوح ولا فض فوك

العزيز ربيع عامر...

تقديري الكبير للمرور العابق ...وأطواق الياسمين

محبتي
هيثم الريماوي

زائر

شكرا لك أستاذ هيثم

استمتعت بقراءة النص
وأهلا بك كبيرا في الجامعة

...الشاعرة حياة بلقيس

اعزازي الكبير ...لجمال المرور والثناء..

كثير امتناني
هيثم الريماوي

....الوارفة الزهرة درار

تقديري العالي...لجمال المرور وحسن الثناء

اعتزازي
هيثم الريماوي

المبدع المتفرد هيثم الريماوي

نص باذخ والاستعارة من القص القراني اعطته بعده الفلسفي العميق
والصور الشعرية الضاربة في عمق الحداثة زادته ترفا فكان درة تزين قسم الفصيح
فشكرا لك وبورك نبضك ومدادك
تقديري الكبير
اختك رشيدة فقري

» لا أحد....قصيدة مسموعة
» قمح كنعان...قصيدة مسموعة
» قصيدة بمئة قصيدة
» طفل الماء
» كل هذا الماء