حقوق السجين في الشريعة الإسلامية
الحلقة الخامسة:حقه في الرعاية الاجتماعية
الدكتورة:صباح بلحيمر
لا تكون حياة الإنسان طبيعية، إلا إذا عاش في جماعة ينظم من خلالها حياته الخاصة وعلاقته بأسرته وبالغير، ولهذا فإن حرمان السجين من الوسط الاجتماعي الذي كان يعيش فيه، يقف حاجزا ومانعا أمام تنظيم حياته كما كانت قبل إيداعه السجن.
ومنذ أن اعتبر التأهيل والتهذيب غرضا أساسيا للعقوبة،أصبح من المفروض عدم حرمان النزلاء من سبل الحياة الطبيعية،وذلك بالسماح لهم بتنظيم حياتهم على نحو يساعدهم على تقبل حياتهم الجديدة ،وتنظيم صلاتهم الخارجية،وتحقيق التأهيل والتهذيب لإعادة اندماجهم داخل المجتمع بعد الإفراج عنهم.
أساليب الرعاية الاجتماعية
تتمثل هذه الأساليب في:
أ- مساعدة السجين على حل مشاكله:
وهي مشاكل متعددة، منها ما يكون سابقا على دخوله السجن مثل مشاكله مع والديه أو إخوته أو أبنائه...ومنها ما ترتب عن دخوله السجن، مثل مشكلة اندماجه في حياته الجديدة وتقبلها، وانسجامه مع زملائه النزلاء مثله.
ويتحقق حل هذه المشاكل عن طريق الأخصائي الاجتماعي الذي يعمل على زيارة أسرة السجين لحل مشاكله معها،وطمأنته عليها،وإقناعه بضرورة الاستسلام للواقع وتقبل الحياة الجديدة ،والاستجابة للتعليمات والقوانين الداخلية المنظمة للحياة السجنية.
ب-تنظيم حياته الجماعية:
من أجل تسهيل اندماجه وتأهيله وإعداده لحياة الحرية،ويتخذ تنظيم الحياة الجماعية للسجناء أشكالا متعددة منها:
-عقد الندوات الثقافية والأدبية
-إقامة حفلات ترفيهية
-تتبع البرامج التلفزيونية
-تنظيم المباريات الرياضية...
ج-تنظيم اتصالاته الخارجية:
عن طريق الزيارات العائلية والمراسلات، وتصاريح الخروج المؤقتة...
كل هذا سبقت إليه الشريعة الإسلامية، فقد تحدث فقهاؤنا عن:
*حبس الأقارب مع بعضهم:إذ نص المالكية على عدم التفريق في الحبس بين الأقارب، حفاظا على صلة الرحم.1
*مشاركة السجين في أداء الشعائر الدينية، كالصلاة الجماعية والجمعة، وصلاة العيدين.
*تجول السجين في ساحات السجن:فقد ذكر الشافعية بأنه لا يمنع المحبوس من شم الرياحين، وهذا معناه السماح له بالتجول في ساحات السجن، للوصول إلى الورود والرياحين.
*عيادة السجين لأقاربه المرضى، أو حضور جنازتهم، وقد استحسن بعض المالكية إخراجه بكفيل.2، وأجازه الشافعية إذا رأى الحاكم مصلحة فيه، وإلا صلى في سجنه صلاة الغائب.
*زيارة أقاربه وأصدقائه له في سجنه:فلا يمنع السجين منه كما نص عليه الفقهاء،وقد كانت ابنة يحي بن خالد البرمكي تدخل على والدها السجن،وتستشيره في شؤونها .3
*مراسلة السجين لغيره:وتتمثل نموذجا حيا في شيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان يبعث الرسائل من سجنه،إلى أقاربه وأصدقائه.
الهوامش:
1- الشرح الكبيرللدردير 3/281.
2- حاشية الرملي على أسنى المطالب 2/189.
3- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/282.